يقرن الناقد الدكتور سعد البازعي في كتابه الجديد (سرد المدن.. في الرواية والسينما) ظهور الرواية كفن أدبي بتطور الحياة المدنية كما يؤكد ان السينما لا يمكن لها الظهور إلاّ بتطور الحياة المدنية والرواية معاً. من هذه الرؤية ينطلق المؤلف في هذا الكتاب، حيث ان المدينة بمجتمعها وعلى تفاوت أوضاعه ومستوياته وأنماطه هو الإطار والمشهد الذي تنمو فيه الشخصيات وتتشكل الأحداث وتنمو الدلالات. يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: ان هذا الكتاب، أدرس من خلاله تطور المشهد الأدبي السعودي فأسعى إلى تكثيف النظر في ما يسمى «نثر المدن» سواء تمثل في السرد بمفهومه المعروف أي في القصة القصيرة والرواية، أو في القصيدة بشكليها التفعيلي والنثري حيث يزدهر السرد أيضاً. كما يضيء الناقد البازعي بعضاً من النصوص الروائية الهامة التي صدرت على مدى العقد الماضي مثل «البحريات» لأميمة الخميس و«جاهلية» لليلى الجهني و«هند والعسكر» لبدرية البشر مبرزاً الدلالة الخاصة لكون الروايات لكاتبات وليس لكُتّاب موضحاً ان للهموم الأنثوية دوراً في تحريك الهوية وتشكلاتها على النحو الملحوظ. ولم يبق البازعي محصوراً بين فصول الروايات السعودية بل تجاوزه إلى السياق العربي ممثلاً في مشاركاته النقدية لروايات عبدالسلام العجيلي ونبيل سليمان وصنع الله إبراهيم والطيب صالح والتي تتمحور جميعها حول صورة الغرب في الثقافية العربية. من خلال تلك الدراسات تتسع دائرة الاهتمام لدى الناقد البازعي ليتناول بعضاً من الأفلام السينمائية والتي كان لها حضور هام يغري بالتأمل سواء كان الفيلم فرنسياً ينفتح على موسيقى الخليج العربي وأغانيه أو فيلماً أمريكياً يثير قضية عربية أو إنسانية، كما يقف الدكتور البازعي كذلك عند إنتاج بعض الأعمال السينمائية اليابانية مثل كتابته عن المخرج الياباني كوروساوا. ويختتم المؤلف كتابه بفصل عن محاضراته لأدباء نوبل منهم الكاتب التركي أورهان بامول الحائز على جائزة نوبل عام 2006م والكاتبة البريطانية درويس لسنغ الحائزة على جائزة نوبل عام 2007م والكاتب البريطاني هارولد بنتر الحائز على جائزة نوبل عام 2005م. والكتاب في مجمله يرصد العلاقة بين الرواية والمدينة وكذلك يوضح العلاقة بين المدينة والرواية من جهة وبين السينما من جهة أخرى.