تابعت أغلب المقالات والحوارات والآراء التي بدأت منذ الإعلان عن تأسيس جمعية (رأي) التي ستهتم كما تحلم بشأن الكتاب غير المتفرغين بعد أن تم منعهم من دخول محميّة هيئة الصحفيين المسوّرة بأولي الحزم، وقد تباينت الكثير من الآراء بين المتشائم والأكثر تشاؤماً وكانت القلّة القليلة متفائلة لمجرّد أنها ترى في قيام تلك الجمعية بارقة أمل وتأمل أن تصبح شيئاً من الأحلام الجميلة المتحققة على أرض الواقع، ذلك الواقع الذي مهما حاولنا تجميله يظل في نظر الأكثرية واد غير ذي زرع، وأنا بالطبع سأكون مع هذه الفئة القليلة المتفائلة لأن حلمي الوحيد الذي مازال يعيش معي منذ سنوات هو أن أصبح متفائلاً ولو بالصدفة كما يحدث الآن. لكني قبل أن أصبح متفائلاً بشكل رسمي لدي اقتراح للإخوة المؤسسين من واقع خبراتي العريضة مع أنواع الإحباط، وهو أن يبذلوا جهداً مضاعفاً أيضاً لإنشاء جمعية تضم كل أعضاء نادي (قلنا لكم) الشهير، فهذا النّادي يضم أعضاء مميزين في فن (الحلطمة) ومهمّة أعضائه الوحيدة هي أن ترتفع أصواتهم للنواح في لحظات العزاء ولديهم مقدرة فائقة في البحث عن إيجاد ألف سبب لقتل ابتسامتك في كل فرح وحينما ينجح أحدهم في كل هذا ولا يجد مناسبة جيّدة للحديث يبدأ في الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني! أعضاء هذا النّادي لهم ميزة أخرى وهي أنهم يظهرون دائماً في الوقت غير المناسب ويرددون بتشفٍّ واضح وبنبرة المنتصر: (قلنا لكم من قبل؟) وهؤلاء نجاحهم الوحيد يتمثّل في فشل غيرهم فقط! هناك أيضاً من يقول إنه يجب أن يعرف من هو كاتب الرأي وآخر يريد أن يعرف ما هو الرأي أولاً، وبينهما يوجد من يقول ساخراً إنه يجب أن يكون هناك رأي أولاً ثم يكون له كُتّاب حتى نتمكن من إنشاء جمعيّة تضمهم . كثير وكثير من الأسئلة تطايرت في كل مكان وكأن بعض الأسئلة نبت ريشها الآن لأن من أطلقها أصلاً من قفص صدره هو من كتّاب الرأي أيضاً كما كان يُعرف وهناك من يرمي حجراً ليقول إنه لا يظهر له أي سبب مقنع من قيام هذه الجمعيّة وأنها مسألة ترفيه وستكون مآل الشلليّة! هناك أيضاً من يرى أننا كمجتمع (ما فينا طب) وأولئك هم أصحاب الأزمات الثقافية والفكرية الكبرى التي يعلّقون كل مشكلات حياتنا عليها باعتبار أننا مجتمع يحتاج (فرمتة) ومن ثم يعاد صياغتنا من جديد حتى نصبح (أوادم) بالمواصفات التي يريدونها وعندئذ يمكنهم التحدث لنا ومعنا بسهولة. كل هؤلاء لديهم المقدرة الفائقة على التحدّث عن الحراك وليس لديهم المقدرة على المساهمة فيه، فمؤسسو الجمعيّة لم يرتكبوا جرماً حتى تنهال عليهم الأسئلة التي لا تبحث عن أجوبة أصلاً ولا هذا التشكيك غير المبرر، وهم يأملون أن يجدوا العون والمساعدة من الجميع وبإمكان أصحاب الرأي الآخر أن يقولوا رأيهم داخل (جمعيّة رأي) وخارجها بعد أن يروا عملها على الأقل.