اعتبر مراقبون وخبراء سياسيون سعوديون أن تزوير وسائل إعلام إيرانية خطاباً ونسبه لوزير خارجية المملكة العربية السعودية، سعود الفيصل، واتهامه بالتدخل في انتخابات الرئاسة المصرية لمنع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة، استمرار لمواقف إيرانية سابقة تستهدف التشويش على المملكة. وأجمع المراقبون، الذين استطلعت «الشرق» آراءهم، على تعمد إيران الزج بالسعودية في بعض الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية، كون الرياض تعتبر عاملاً لاستقرار المنطقة، لما تُمثله من ثقلٍ استراتيجي واقتصادي إضافةً لكونها حاجزاً منيعاً للمشروع الإيراني الرامي للاستحواذ السياسي على المنطقة العربية. زهير الحارثي ويجد عضو مجلس الشورى السعودي، الدكتور زهير الحارثي، أن المملكة تمثل لطهران هاجساً سياسياً تقرنه هي بالعقائدية ضمن مشروعٍ يتسم بالطائفية، متوقعا أن لا تنجح طهران في هذه السياسة، طالما أن الرياض تقوم بدورها الفاعل في المنطقة. ويرى الحارثي، في تصريحاته ل «الشرق»، أن الإشكالية الحقيقية لدى النظام الإيراني تكمن في تغليب النزعة الطائفية والعقائدية على حساب الاستحقاقات الداخلية الإيرانية، «ومن هنا يتم صرف النظر عن السلبيات الداخلية في إيران، عبر خلق قلاقل وصراعات للدول المتزنة ومنها المملكة»، حسب حديثه. ويعتبر الحارثي إيران دولةً توسعية يشعر القائمون على سياستها الخارجية المتخبطة بأن الاستقرار في دول الخليج والمملكة تحديداً مزعج لها ويدعو للقلق، ويضيف «يتوازى ذلك مع سعيها للحصول على أكبر دور في المنطقة، وهو ما يترجمه استخدامها العراق موقعاً لتنفيذ سياساتها الخارجية المواجهة للمملكة، وفي لبنان عبر حزب الله، وأخيراً في سوريا التي ثبت عملياً وقوف طهران وراء معالجتها للثورة». عبدالله الشمري ومن جانبٍ آخر، يحذّر الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عبدالله بن هاجس الشمري، من مثل هذه الشائعات الإيرانية، مطالبا بسرعة التعامل معها. ويقول الشمري «ينبغي أن يكون الإعلام السعودي متيقظاً لهذه المرحلة الحساسة، فمهما كانت الحرب النفسية الإيرانية سوداء، ينبغي التعامل معها بجدية وسرعة نفيها وعدم التقليل منها» مُشبهاً الشائعات ب «التهديد الإرهابي» الذي ينبغي عدم تجاهله. وأخذ الشمري، في تصريحاتٍ ل «الشرق»، في تحليل ما جاء من افتراءات إيرانية، بالقول «إن وصول الإخوان للسلطة ينبغي أن يمثل لدول الخليج والمملكة تحديداً فرصةً وليس أزمة، ومن هذا المنطلق ليس من مصلحة المملكة ودول الخليج كسب عداء الإخوان الذين يسيطرون الآن على القرار السياسي في تونس والمغرب ومصر واليمن وليبيا وربما قريباً في سوريا، كما أن لهم وجودا لا يستهان به في الأردن والسودان والعراق وحتى في الكويت، ومن هذه الزاوية يثبت منطقياً زيف الادعاءات الإيرانية جملةً وتفصيلاً».ويرى الشمري أن المستفيد الأول من خلق حالة عداء بين الإخوان ودول الخليج هي إيران، ويضيف «الإخوان أصحاب نفوذ في جميع دول العالم الإسلامي، وقد يتم استغلال أي توتر خليجي إخواني من قِبَل إيران، لتعزيز نفوذها في مصر تحديداً، عبر التقرب من الجماعة باستغلال ابتعادها عن الأنظمة الخليجية، بل وقد يتطور الأمر إلى محاولة عزل السعودية عن مصر والشمال الإفريقي، ومن هنا ينبغي التعامل مع الإخوان سياسياً وليس فكرياً، كما يجب عدم إخلاء الساحة العربية لإيران». خالد الدخيل وفي ذات الإطار، يضع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود في الرياض، الدكتور خالد الدخيل، معطيات عدة تثبت أن لإيران دوراً واضحاً في عددٍ من المواقع، كوضعها في لبنان الذي تسعى إلى أن يكون ورقة تنفذ من خلالها أجندتها في مواجهة المملكة، وأيضاً في العراق الذي ذهب ورقةً خالصةً في أيادي الإيرانيين، ونهايةً في سوريا التي تعيش أزمةً حالياً. ويكمل الدخيل قائلاً «هناك حواجز قومية، ومذهبية، تُمثلها الدول العربية ضد مشروع التمدد الإيراني، وأهم تلك الحواجز في الذهنية الإيرانية، توازن المملكة وثقلها في العالم العربي، لذا لن تنجح إيران في هذه السياسة، وهذا بالطبع لا يعني أن تلك التوجهات غير خطيرة، ويجب استيعاب خطورتها السياسية التي ستنعكس على المنطقة بأسرها إن نجح الإيرانيون في تنفيذها».