حذَّر محمد الفيزازي أحد شيوخ ما يعرف في المغرب بتيار السلفية الجهادية من تشكيل طوائف دينية جديدة في البلاد، واعتبر أن الدعوة لتأسيس تيارات جديدة تحمل أسماء سلفية وصوفية أمرٌ مرفوض لأنه يؤسس للطائفية، محذراً من تكرار المشهد اللبناني في البلاد. وعبَّر الفيزازي، الذي صدر العفو عنه بأمر ملكي بعدما كان محكوماً بثلاثين سنة سجناً نافذاً على خلفية تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003، عن خوفه من التأسيس للفتن الطائفية، تحت مسميات السلفية والصوفية لأنها تقزّم الأمة. وجاء حديث الفيزازي رداً على الدعوة التي أطلقتها «الرابطة الوطنية لشباب الشرفاء والزوايا الصوفية في المغرب» لتأسيس «رابطة الشباب الصوفي». وذكرت اللجنة التحضرية لهذه الرابطة، في بيانٍ لها، أن هذا الجمع التأسيسي ينعقد تحت شعار «معاً من أجل جمع شتات شباب الشرفاء والزوايا الصوفية في المغرب وبدون استثناء وربط الصلة بينهم»، ويسعى المنظمون إلى أن تكون الرابطة «الممثّل لهم من أجل الدفاع عن مختلف حقوقهم المشتركة، وغايتها توثيق أواصر القربى، والتعارف، والتواصل الدائم، والعمل على جمع شمل العائلة الصوفية، وحماية مكتسباتها». وفي رأي العديد من المحللين والمتتبعين للشأن السياسي في المغرب، فإن الهدف من إنشاء تكتُّل للصوفيين المغاربة هو قطع الطريق على التيارات الدينية التي تتبنّى مواقف متشدِّدة من مجموعة من القضايا، ويعتقد المحللون أن الدولة ترعى هذا التوجّه وأن الزوايا الصوفية المنتشرة في العديد من الجهات في المغرب تتلقَّى دعماً مادياً كبيراً على شكل هبات وعطايا مع توفير الأجواء الملائمة لتنظيم تجمّعاتها الدينية. ويُذكَر أن المشهد الصوفي المغربي يتسم حالياً بتنوع الطرق والزوايا التي تمتدّ على طول التراب المغربي من الشمال إلى الجنوب، وتكرّس طبيعة التنشئة السياسية التي يتلقّاها مريدو الزوايا والطرق الصوفية الثقافة السياسية القائمة على الانكفاء والانشغال بالدين بمفهومه الطقوسي والشعائري بعيداً عن الاهتمام والخوض في أمور الشأن العام. وتموقع التصوف يعتبرعنصراً أساسياً ضمن إستراتيجية إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، وهي إستراتيجية جديدة، من ضمن أبعادها تفعيل التصوف كمحدّد للسلوك، بهدف مواجهة التيار السلفي الجهادي، حيث اعتبرت السلطات بعد أحداث 16 مايو 2003 الإرهابية، أن مصدر الخطر يكمن في الإيديولوجية السلفية الداعية للعنف. واستُغِلَّت الزوايا الصوفية من قِبَل الدولة لخلق استقطاب داخل الشارع المغربي كما حدث عند اندلاع الحراك الشعبي في المغرب العام الماضي بتأثير من الربيع العربي، أو كما حدث عند التصويت على الدستور الحالي، حيث تبنّت الزوايا الصوفية مواقف مساندة للسلطة.