اشترط شيوخ السلفية الجهادية الذين جرى العفو عنهم مؤخرا، أن يتم إطلاق سراح بقية المعتقلين والموجودين في السجن، من أتباع هذا التيار، في حال أرادت الدولة التسامح معهم. وأكدوا خلال مؤتمر صحفي لهم أن مسامحتهم للدولة، رهينة بتحقيق هذا الشرط، خاصة وأنه جرى الحديث عن رفع هؤلاء الشيوخ، لدعاوي قضائية ضد الدولة بداعي اعتقالهم من دون وجه حق، وتعرضهم للتعذيب والتنكيل والعقاب النفسي طيلة تسع سنوات من الاعتقال. ودعا كل من حسن الكتاني وعبد الوهاب الرفيقي الملقب أبو حفص، وعمر الحدوشي، الدولة المغربية، إلى إعادة فتح تحقيقات حول الأحداث الإرهابية، التي شهدتها عاصمة المغرب الاقتصادية الدارالبيضاء، عام 2003، مطالبين بتسليط الضوء على هذا الملف الذي اعتبروه صناعة مخابراتية ليس إلا. وأكد الشيوخ الثلاثة براءتهم من التفجيرات التي أودت بحياة 45 شخصا ضمنهم 14 انتحاريا، في مواقع متفرقة من الدارالبيضاء، مؤكدين أن لا علاقة لما نسب إليهم من كونهم كانوا محرضين على تلك العمليات الإرهابية، التي هزت المغرب في 16 مايو 2003. وقال أبو حفص إنه حوكم بغير محضر عند الشرطة وتم نقله لقاضي التحقيق مباشرة دون محضر، فيما أكد حسن الكتاني، ،أنه لم يتم سجنه بسبب أفكار معينة، ولكن بسبب تأويلات وسوء فهم فقط لدى جهات لم يرد تحديدها بالاسم، نافيا أن يكون من شيوخ ما يسمى بالسلفية الجهادية، بل يرى أن الاسم من صناعة وسائل الإعلام فقط، وأن لا علاقة له بهذا التيار. ويرى الكتاني أنه مجرد عالم فقط، يحب الخير للجميع سواء للدولة أو الأفراد أو بقية الجماعات الإسلامية الأخرى. في حين كشف الحدوشي عن ما تعرض له من تعذيب، ودعا الشيوخ الثلاثة إلى إخلاء سبيل بقية السجناء في هذا الملف، مؤكدين أن فرحتهم لن تكتمل إلا باتخاذ هذه الخطوة، معبرين عن تفاؤلهم بتولي أحد أبرز المدافعين عن ملفهم حقيبة وزارة العدل والحريات المحامي مصطفى الرميد، الذي قدم ضمانات مكنتهم من معانقة الحرية. وتسعى الدولة من خلال عملية الإفراج عن الشيوخ الثلاثة، وقبلهم محمد الفيزازي وعبد الكريم الشاذلي، إلى إدماج السلفيين، وأتباعهم في المنظومة السياسية وتأطيرهم في هذا الاتجاه، وهو ما أشار إليه الفيزازي، الذي يسعى إلى تشكيل حزب سياسي. وبحسب محمد ضريف المختص في الجماعات الإسلامية فإن “أحداث الربيع العربي أدخلت تحولات عميقة في ثقافة الفاعلين الدينيين، خاصة التيار السلفي؛ فهذا الأخير، ورغم رفضه للعلمانية ولمنطقها، اشتغل لفترة طويلة بمنطق علماني من خلال انكبابه على العقيدة وتجاهل كل ما هو سياسي أو مدني، وهو يحاول الآن التصالح مع ذاته ويقوم بمراجعة عميقة تكاد تصل إلى إحداث القطيعة مع المفاهيم الموروثة عن أبي الأعلى المودودي وسيد قطب. كما أن التيار السلفي في المغرب بدأ يقتنع بأن جزءا من مطالبه سيتحقق من خلال المشاركة السياسية، وذلك بالدخول إلى المؤسسات”.