قدّر تقرير استخباراتي إسباني عدد السلفيين في المغرب بأنه يتجاوز 17 ألف شخص، وأفاد التقرير بأنهم ينقسمون إلى ثلاثة تيارات وأن غالبيتهم يتمركزون في ثلاث مدن كبرى هي الدارالبيضاء وطنجة ومراكش. ويعود الاهتمام الإسباني بالحركة الدينية في المغرب إلى الانفراج الذي شهده ملف السلفية الجهادية فيها، خاصة بعد الإفراج الأخير عن شيوخ التيار السلفي الذين يشكلون ثقلا داخل المعادلة الدينية في البلاد إضافةً إلى الحديث عن قرب تأسيس حزب سياسي يضم السلفيين، وهو ما أيقظ تخوفات الإسبان، الذين تخيم عليهم ذكريات تفجيرات قطارات مدريد عام 2004، لأن كلمة السلفية مرتبطة في أذهانهم بهذه التفجيرات، التي قالت المخابرات الإسبانية إن وراءها عناصر من السلفية الجهادية تابعة لتنظيم القاعدة. وأشار التقرير الصادر عن المركز الوطني للاستخبارات في إسبانيا إلى ما اعتبره حقائق حول المد السلفي في المغرب، لاسيما في المدن الشمالية المتاخمة لأسبانيا، وأوضح أن غالبية هؤلاء السلفيين يوجدون في المدن الكبرى، لكن أكثرهم إثارة للقلق الإسباني هم سلفيو الشمال المغربي، بفعل القرب الجغرافي حيث لا يفصل إسبانيا عن المغرب سوى 15 كيلومترا من الشمال. ولم يخف التقرير تخوف إسبانيا من تنامي الجماعات التي نعتها بالمتشددة، وأشار التقرير إلى خشية إسبانية من تزايد المد الجهادي الذي ربطه بالإرهاب، خاصة أن إسبانيا تعتبر أن مرتكبي هجمات مدريد مغاربة ينتمون إلى تيار السلفية الجهادية. واعتبر التقرير الاستخباراتي أن سلفيي المغرب ينقسمون إلى ثلاثة “تيارات”، فهناك تيار يقوده الشيخ محمد المغراوي، رئيس جمعية دار القرآن بمراكش، الذي عاد قبل أشهر من منفاه الاختياري في المملكة العربية السعودية إثر الضجة التي أثارتها فتواه الشهيرة التي تبيح الزواج ببنت التسع سنوات. كما يوجد تيار يتزعمه الشيخ محمد الفيزازي، الذي خرج من السجن بعفو ملكي أواخر السنة الماضية، بعدما كان محكوما عليه بثلاثين سنة سجنا عقب أحداث 16 مايو الإرهابية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء قبل سنوات وأودت بحياة 45 شخصا ضمنهم 14 انتحاريا، إلى جانب تيار ثالث ينتمي إليه باقي سلفيي المغرب دون الانتساب إلى شيوخ معلومين. وتطرق التقرير إلى تيار الفيزازي، ووصفه ب “الضعيف” مقارنة بالتيار الذي يمثله محمد المغراوي، كما بيَّن أن امتداده ينحسر بشكل كبير في المدن الشمالية الكبرى مثل طنجة وتطوان. وشكك خبراء وسلفيون من المغرب في صحة ما احتواه التقرير، بشأن تقديره عدد السلفيين المغاربة بأنهم 17 ألفا مقسمون بين ثلاثة تنظيمات، وذهبوا إلى أن الحديث عن رقم دقيق لعدد السلفيين في المغرب أمر غير صحيح منطقيا وعلميا، كما أن تسجيل وجود تنظيمات سلفية مغربية بالمعنى السياسي والإيديولوجي لكلمة “تنظيم” أمر مبالغ فيه. وفي تعليقه على هذا التقرير، قال الشيخ محمد الفيزازي، الذي يصنف ضمن شيوخ السلفية الجهادية، “إن السلفية في المغرب ليست تنظيما ولم يقم أي أحد بإحصاء من يؤمنون بها، وليس هناك معطيات علمية لتحديد الأعداد”، مضيفا في هذا السياق أن المخابرات الإسبانية ليست هي الأدرى بالساحة المغربية، فالمخابرات المغربية هي الأجدر بأن تعرف الأعداد، وهي مؤهلة لذلك بحكم المعاشرة اليومية في حين تغرد المخابرات الإسبانية خارج السرب وتتكلم عن بعد، على حد تعبيره. ورأى الفيزازي أن التقرير الإسباني قدم معطيات ومعلومات تنافي الدقة وتجانب الصواب في كثير من الأحيان، باعتبار أن تحديد العدد في 17 ألف سلفي أمر غير مفهوم ولا منطقي، علاوة على أنه إحصاء غير علمي، لأن السلفيين لم يخضعوا يوما للإحصاء من أية جهة كانت، كما أنه يُستعصى إنجاز ذلك عمليا على أرض الواقع.