قبل ثلاث سنوات -أو تزيد- كتبت مقالاً حول تكاثر مفسري الأحلام في فضائنا المفتوح، فاتصل بي أحد الزملاء يسألني: «تقصد أنهم دجّالون؟» قلت: نعم، وزدت: إنهم يتاجرون بأضغاث أحلام الناس (وبخاصة النساء) في الوقت الذي لا يفقهون في تعبير الرؤى شيئاً! وكنت قد جعلت من طريقة الأخ الدكتور فهد العصيمي مثالاً، فقلت: ما إن تعرض عليه إحدى المتصلات حُلماً حتى يبدأ في طرح أسئلته عليها لجني مزيد من الوقت ببقائها على الهاتف (الدقيقة بعشرة ريالات) ثم عرضت عليه نماذج من أسئلته التي يزعم أنها ضرورية لتفسير الحلم، مِثل (هل حلمتِ في الصيف أم في الشتاء؟ هل أنت متزوجة أم مطلقة؟ هل أنت موظفة أم متقاعدة؟ هل تشعرين بألم في ركبتك أم في رقبتك؟ هل بيتكم مُلك أم مُستأجر؟ هل أنتِ سمنانة أم نحفانة؟) ولم يبق إلا أن يسألها (هل تقدري تفسري حلمك بنفسك وتخلصيني من الورطة أم لا؟). الطريف، أنه من خلال إجاباتها يُطمئنها بأن كل ما قالته صحيح، ثم يُبشرها بعد ذلك بالوظيفة والخطوبة والزواج والبنين والبنات مع بيتٍ مُلك؛ وبهذا تكون قد حَصُلت منه على تفسيرٍ لحلمها لم تكن لتحصل عليه ولا في الأحلام. لأجل ذلك، أقول لسماحة الوالد مفتي عام المملكة: جزاكم الله خيراً حين قلتم عنهم أخيراً، وبالحرف الواحد: «إن هؤلاء دجّالون كذابون يأكلون أموال الناس بغير حق».