قال الضَمِير المُتَكَلِّم: قال لي والإحباط والألم يهزان جوانحه، ويحاول وأَدَ بَوْحَ كلماته، وحروفه المتنافرة: آه يا صديقي لقد ذبحوني، واغتصبوا حلمي. نعم سهرت الليالي أُقَدّم للمسؤول في إدارتنا اقتراحات التطوير في الإدارة، هذا اقتراح يرفضه، وذاك يؤيده، ولكنه يُؤخره. لم أستسلم لليأس، تابعتُ حلمي، أوقدتُ ناره، وحشدتُ له حَطَب التأييد حتى نضج واستوى، وعندما حان قطافه، نسوني أو تناسوني. وسألوني بكل براءة أو هكذا زعموا: مَن تقترح ليتولّى أَمْره وإدارته؟! وعندما اعترضتُ فأنا مَن بَادَرت؛ هددوني قَدِّم استقالتك لو شِئت!! صُدمت! ذُهِلْت! أزعجتني نفسي اللوامة بسؤال جعلني أغرق في دوامة: هل سألوك حقيقة، أم أنهم أرادوا جلدك ومعاقبتك لاجتهادك واقتراحاتك؟! صدّقني يا صديقي ربما لو عرضوا عليّ قيادة هذا المشروع لرفضته؛ ولكنني ذُبِحْت بالتجاهل، ومخالفة واقعهم للمنطق الذي ينادي: أن مَن خَطّط للأمر، وسعى فيه فالأولى أن يتولّاه لخبرته فيه، وحَمَاسه له. قلت له يا صديقي: هدّئ من روعك، ولا تيأس. فعموم مجتمعات العالم الثالث هناك مَن يكدحون، ويخططون، ويصنعون المنجزات، وفي النهاية يقطف المسؤول وحاشيته الثمرة أمام فلاشات الكاميرات، أمّا المزارع المسكين فيسقط اسمه سَهْوًا. يا أخي: في هذه المجتمعات يبدع الطالب والمعلم؛ فيكافأ المدير؛ يَبْذل الحارس والغَفِير، والفَوْز دومًا للسّيّد الوزير!! ثم أنت يا طويل العمر لست وحدك، فأنت نسخة مكررة حدثت أمس، وتحدث اليوم، وستحدث غدًا!! ونصيحتي كي ترتاح في عملك (أنسى ياعَمْ التجديد والتطوير) وعِيش حياتك، واستعمل بانتظام، وصباحَ مساء الوصفة المصرية اللذيذة التي يختصرها هذا المَثَل: (تِشْتِغَل كثير، تِغْلَطْ كِثِير تِتْرِفِد، ما تِشْتَغَلْش، مَا تِغْلَطْش تِتْرقَى). وانتبه إذا فكرت في الحُلْم يومًا؛ فإليك نِصِيحَة السّهِيل: احتفظ بحلمك في قارورة محكمة الإغلاق؛ حتى لا يراه عَابِر يرتوي بِرَشْف أحلام غيره. ولا تشرب مِن ماء حلمك أبدًا ولو تَقَاطَر العَطَش بين شَفَتَيك اليابستين، حتى ولو كان موتك عَطَشًا لحُلْم ينتظرُ وَطَنَه. لا تَترك أحلامك سُلّمًا يرتقي بها غيرك!! واحذر مِن سارقي الأحلام والناس نيام!! ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة.