يُعدّ مخ الإنسان مايسترو الجسم الذي يُحرّكه من خلال ما يقارب ألف مليون خلية عصبية، كل خلية ترتبط بحوالى 50 ألف خلية أخرى. حيث يعتمد عمل المخ على شبكة معقدة من الموصلات العصبية، تتم فيها الاتصالات عن طريق الإفرازات، التي تؤدي إلى نشاط كهربائي للدماغ يظهر في تخطيط الدماغ الكهربائي، ومتى ما حدث اضطراب في إفراز تلك الموصلات العصبية، سواء أكان بسبب زيادة في الموصلات المحفزة أو نقص في الموصلات المحيطة، فسيؤدي إلى اضطراب في الشحنات الكهربائية، وحدوث نشاط زائد قد يكون محدداً أو عاماً، ما يسبب ظهور الأعراض المختلفة للإصابة بالصرع بحسب مكان حدوثها في الدماغ. وعادةً، ما يصيب الصرع الأفراد في جميع الأعمار ومن جميع الأجناس والمجتمعات، إلا أنه يعتبر عند الأطفال من الأمراض المزمنة، التي قد يؤدي تكرار نوباته، إلى صعوبات ذهنية وفكرية لدى الطفل، ما قد يقود إلى تأخره دراسياً وتعرضه وأسرته لمشكلات نفسية. لذا يجب الاهتمام بتشخيص المرض وعلاجه منذ بدايته، لكي ينمو الطفل ويتطور طبيعياً، ويجاري أقرانه في المجتمع. وتعتبر (الحمية الكيتونية) من أهم خطوات البرنامج العلاجي المضاد لمرض الصرع، حيث أثبتت فعاليتها من الناحيتين الإكلينيكية والتجريبية. وتقوم هذه الحمية الخاصة على نظام غذائي يحوي نسباً عالية من الدهون، ونسباً أخرى كافية من البروتين، والقليل من الكربوهيدرات، ويتم فيه احتساب احتياجات الطفل بحسب عمره ووزنه بدقة، وذلك لضمان حصوله على وزن قريب من الوزن المثالي، حيث يتم تعيين 1غرام لكل كيلو غرام من وزن المريض من البروتين، وأقل كمية ممكنة من الكربوهيدرات. بحيث تُشكّل الدهون 90% من السعرات الحرارية التي يحتاجها المريض، ويحتاج الطفل المصاب في هذا النظام إلى دعم غذائه بمكملات من الفيتامينات والمعادن. ولا يسمح في النظام الكيتوني بتناول الحلويات، و(الشكولاته)، والبسكويت، والكعك، كما لا يسمح بتناول الأطعمة الغنية بالنشويات مثل: الخبز، والبطاطس، والحبوب، والأرز، والمعكرونة، فيما عدا ذلك يسمح بتناول الأطعمة الأخرى كالبروتينات الموجودة في اللحوم، والأسماك، والبيض، والجبن، والمكسرات، إضافة إلى الفاكهة والخضروات، ولكن بكميات أقل مما يتناولها الطفل في العادة. ويفضل أن تؤكل أطعمة الحمية مع كمية دهون من 3 إلى 4 مرات، مقارنة بكمية البروتين والكربوهيدرات معاً، كما يجب تناول الدهون مثل: الزبدة، والزيوت النباتية، والسمن، والمايونيز، والقشطة و(دبل كريم)، في نفس الوقت الذي يتناول فيه المريض الفاكهة والخضار والبروتين. ويعتمد هذا النظام الغذائي على تغيير عملية التمثيل الغذائي من خلال استبدال السكر بالدهون كمصدر رئيسي للطاقة، إضافة إلى عملية تكسير الدهون التي تنتج الكيتون، حيث يعمل هذا النظام عن طريق محاكاة تأثير الصوم أو تجويع الجسم الذي يستخدم فيهما الجلوكوز والجليكوجين قبل حرق الدهون المخزنة، لينتج مادة كيميائية أثناء غياب الجلوكوز تعرف بالكيتونات، وظيفتها توفير الطاقة، والتخفيف من حدة نوبات الصرع لدى المصابين. وعلى الرغم من فعالية هذا النظام الغذائي في علاج كثير من حالات الصرع، إلا أنه لم يتم حتى الآن التعرف على آلية عمله داخل الجسم.