لا يوجد أنسان يعيش في مكةالمكرمة لا يستشعر أهمية دور الفرد في المحافظة على بيئته وتأثيره على نظافة المكان والمحافظة على قدسيته. يزور هذه المدينة المقدسة على مدار العام ملايين البشر يغسلون ذنوبهم ويعيدون ملء قلوبهم بشحنات روحانية تعينهم على المضي قدما في مختلف مناحي الحياة. يأتي ملايين البشر من مختلف بقاع الأرض بمختلف ثقافاتهم ومفاهيمهم وأجناسهم وأعراقهم وأخلاقياتهم يجمعهم هدف واحد هو طلب الرحمة والمغفرة وملء النفوس بالسكينة. وهذا لا يتم إلا بتوفير بيئة متكاملة ماديا ومعنويا وخدمات مهمة من أمن وبيئة نظيفة وتعامل سمح. حينما يستشعر الفرد بمدى أهمية نظافة بيئته المحيطة به لتساعده على القيام بواجباته الدينية، فإن النتيجة تكون جلية كما في نظافة الحرمين الشريفين حيث عمال النظافة – بارك الله بهم – مؤهلون تماما للعمل بسرعة ودقة وتفان لا تملك إلا أن تقف تقديرا له. في دقائق قليلة يتم شطف محيط الكعبة المشرفة وغسلها بمواد مطهرة زكية الرائحة في تناغم مع حركة الطائفين والمصلين. ويتم ترتيب وتنظيف سجاد أروقة الحرم المكي ولفه ليتم شطف أرجائه ومن ثم إعادة فرشه دون إزعاج لنائم أو قائم في أروقته، يرتل آي الذكر ويبتهل في مناجاة خالقه. مثل هذه الأجواء تجبرك على أن تكون محافظا على نظافة بيئتك المحيطة بك وتجعلك تستشعر أهمية دورك كفرد للمحافظة عليه. هذا في الأحوال الطبيعية. إلا أن غير الطبيعي موجود كذلك. فهناك من يريد أن يجدد وضوءه ويستثقل الذهاب لدورات المياه وأماكن الوضوء المخصصة فتراه(ها)، يتوضأ بماء زمزم المخصص للشرب تاركا مناطق مبللة غير مبال بما يسببه من شعور بالضيق والاشمئزاز للآخرين، وغير مدرك مدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب به فيما لو زلقت قدم شخص بسبب ذلك. وهناك من يأتي بطعامه وشرابه ليفطر من صيامه بأروقة الحرم. إلا أنه لا يهتم إذا ما انسكب شيء من قهوته أو عصيره على سجاد الحرم أو إذا ما ترك أنوية التمر مبعثرة هنا وهناك. ولطالما شعرنا بالغضب والانزعاج كلما سجدنا على سجاد مبلل أو وطئنا فوق نواة تمر تسببت بجرح في أقدامنا أحيانا. والسؤال لماذا توجد مثل هذه العينات التي لا تبالي من البشر... والأدهى حينما تلفت أنظارهم يتبجحون بقولهم «ياخي/ يا أختي أنا مو في بيتك؟؟» سبحان الله لو كان مثل هؤلاء في ضيافة أحد الأقارب أو الجيران لحافظ على الترتيب والنظافة، ولوصل الحد عند البعض منهم لتوبيخ أبنائهم لو سكب شيئا عرضيا و لبادر بالاعتذار من المضيف. إلا أنه يسمح لنفسه أو لأبنائه بتوسيخ بيت الله الحرام ! ترى لو فكر هؤلاء لثوان واستشعروا عظمة المكان وما قد يترتب على ممارسات صغيرة جدا في إيذاء الآخرين. وترى لو لم يستشعر كل فرد دوره هل كنا سنجد مكانا نظيفا تسجد عليه جباهنا لخالقنا؟