تناول المتميِّز فكراً وأسلوباً الأستاذ محمَّد حدادي في عموده اليوميِّ «يصير خير» في صحيفة الشرق في عدديها 67، 68 المناهجَ الدراسيَّة مشيراً لأخطاء وهفوات بها حرَّضتْه على الكتابة عنها، زلَّةُ تأليف وقصور بالمراجعة لكتاب لغتي الخالدة حيثُ وردتْ فيه قصيدة للأستاذ إبراهيم مفتاح منسوبةً للأستاذ سعد البواردي فقال: «الأخطاء المتتابعة تحرِّض على رسم علامات استفهام كبيرة عن الفريق المكلَّف بوضع المقرَّر ومراجعته، وآليَّات اختياره لرسم خريطة تعليم الوطن، فإذا عرفنا أنَّ عدد مطوِّري المقرَّر تسعة والمراجعين ثلاثة فإنَّ العتب ليس مرفوعاً في ظلِّ هذا الفريق المتخصِّص ولا يقاس بالسهو بل يدلُّ على أنَّ آليَّة اختيار هؤلاء المؤلِّفين ولجنة المراجعة بحاجة للمراجعة». أستأذن زميلي بأن أنطلق من مقالتيه الملامستين همِّي الأول لأكتب مقالتي هذه مستنداً على خبرات في مجال مراجعات المقرَّرات الدراسيَّة لمواد الاجتماعيَّات، إذْ راجعتُ ستَّة منها مراجعاتٍ شاملة علميَّة ولغويَّة وتربويَّة وفنيَّة إخراجاً وأنشطة تقويميَّة، راجعتُها بمبادرة منِّي لا بتكليف وزاريٍّ مستغرقاً ما بين شهرين لثلاثة أشهر لكلِّ مقرَّر خارج دوامي في منزلي، فشكَّلت مراجعاتي لها كتباً قاربت أعدادَ صفحاتها، فاعْتُمِدَتْ تصحيحاتي ومقترحاتي في طبعات تالية بنسبة 90% منها، وتلقَّيت خطابات الشكر والتقدير من مسؤولي الإدارة العامَّة للمناهج وبعضهم ما زال في مسؤوليَّته ويعلمُ بذلك، وأكثر الأخطاء إزعاجاً لي وللوزارة ما ورد في كتاب علم النفس للصف الثاني الثانوي عام 1415ه حيث رتَّب مؤلِّفوه مراحل خلق الإنسان في بطن أمِّه بما يخالف الآية الكريمة المشيرة لتلك المراحل. كانت الآليَّة الرسميَّة للوزارة تسند مراجعات المقرَّرات الدراسيَّة لمشرفي الإدارة العامَّة للمناهج فقط بحسب تخصُّصاتهم فيكلَّف بها اثنين أو ثلاثة بهدف إيثارهم بالمكافأة الماديَّة، وأولئك يخاطبون بتعاميم وزاريَّة إدارات التعليم أملاً بأن تصلهم ملحوظات من هنا أو هناك، وإدارات التعليم تخاطب مشرفيها التربويِّين ومعلِّميها طالبةً تقارير بملحوظاتهم ومقترحاتهم عن المقرَّرات الدراسيَّة، وفي ضوء هذه الآليَّة وفي العام الدراسيِّ السابق في محافظة عنيزة استجابت 12 من 43 مدرسة ابتدائيَّة، 5 من 24 مدرسة متوسِّطة ببعث تقارير عن مقرَّري الاجتماعيَّات للصف الرابع الابتدائيِّ والأول المتوسِّط جاء معظمها بعموميَّات أو باحتجاجات على طول المنهج أو صعوبته أو بتبريرات لعدم تطبيق كرَّاسات النشاط، وباجتماع المعلِّمين في ورش عمل لتدارس التقارير الواردة تخلَّف معظم المعلِّمين وانكشف معظم الحاضرين بأنَّهم لم يطَّلعوا على المقرَّرات التي يدرسونها فهم لا يخطِّطون لدروسهم بإعدادات تحريريَّة تتطلَّب اطِّلاعهم على كتاب الطالب وكتاب المعلِّم وكراسة النشاط، مكتفين بما تؤمِّنه لهم المكتبات القرطاسيَّة من إعدادات، فكيف يتبيَّن أولئك ملحوظات أو يطرحون مقترحات، ولم تستطع إدارة التعليم تنشيط تفاعل المدارس معها ولا محاسبة المقصِّرين بواجباتهم ومسؤليَّاتهم بل إنَّ المدارس تقاعست عن الإفادة عن تقصير معلِّميها عن مراجعة مقرَّراتهم وعن عدم حضورهم ورشَ دراستها. وربَّما تغيَّرت الآليَّة الوزاريَّة لمراجعة المقرَّرات هذا العام فكلَّفت الوزارة الإدارة العامَّة للمناهج بترشيح مراجعين من غير مشرفيها بمكافآت مقطوعة قدرها ثلاثين ألف ريال لكلِّ مقرَّر دراسيِّ شاملة كتاب الطالب وكتاب المعلِّم وكرَّاسة النشاط، فجاءتني بذلك مهاتفة من الأستاذ إسماعيل الزامل وأخرى من الأستاذ عبدالكريم الخمشي المشرفين التربويِّين في قسم الاجتماعيَّات بالإدارة العامَّة للمناهج يطلبان قبول ترشيحهما لي في لجنة مكوَّنة من ستة مراجعين رشِّحوا لمراجعة مقرَّرات مواد الاجتماعيَّات، منطلقين من حسن ظنِّهما بقدراتي للقيام بذلك من منجزاتي السابقة، بالرَّغم من علمهما بتقاعدي المبكِّر بداية عام 1433ه فاشترطت عليهما بأن تجتمع اللجنة لوضع الخطط والآليَّات لأعمال المراجعة والتنسيق لتوزيع الكتب على أعضائها ليعمل كلٌّ في منزله وأن تختتم أعمالها بورش عمل لإعداد التقارير النهائيَّة، ولستُ أدري إلى الآن عن مدى قبول مقترحي هذا. أمَّا آليَّة تأليف المقرَّرات الدراسيَّة المطبَّقة إلى عام 1424ه فكانت الوزارة تكلِّف الإدارات التعليميَّة العامَّة كلَّ إدارة بمقرَّر دراسيٍّ محدَّد، فكلِّفت الإدارة العامَّة للتعليم في منطقة القصيم بمقرَّرات الاجتماعيَّات فوردني اتِّصال منها يطلب مشاركتي فاشترطت قبل الموافقة التعرُّف على آليَّة عمل اللجنة المكلَّفة بذلك ومكان العمل وزمانه، وقد اعتذرت حين تبيَّنت عدم ملائمة الظروف المكانيَّة والزمانيَّة للعمل وليس لظروفي، وأنَّ من توجُّهات اللجنة أن يتقاسم أعضاؤها العمل وحدات فتلصق المنجزات ببعضها دون تحريرها أسلوباً وصياغة من قبل محرِّر واحد لكلِّ كتاب لتلافي الأخطاء العلميَّة والتربويَّة واللغويَّة واختلاف المفاهيم والصياغات والأساليب واختلالاتها، وبالرَّغم من اعتذاري جاءني اتِّصال من أسرة الاجتماعيَّات في الوزارة تحفزني على المشاركة في لجنة التأليف فاعتذرت أيضاً لأبتعد باسمي عن أغلفة مقرَّرات دراسيَّة لا أشكُّ في ظهور سلبيَّات فيها بتأثير آليَّة العمل وظروفه وتوجُّهاته؛ لذلك وبعد أن أنجزت لجنة منطقة القصيم أعمالها وطُبعت المقرَّرات ووُزعت على الطلاَّب راجعتُ كتاب الجغرافيا للصف الأول المتوسط للفصل الدراسيِّ الأول فقط، فعثرت على 126 خطأً علميَّاً ونحويّاً وإملائيّاً ومعجميّاً وأسلوبيّاً، أبرزها الخلط بين المصطلحات والمفاهيم فجاء المفهوم مكان المصطلح، وتبيَّنت أنَّ الكتاب لم يراجعه مؤلِّفوه لاستدراك أخطائهم وأخطاء الطباعة، ولا مراجعون لتدارك ذلك، وبمناقشة أحد المؤلِّفين الأكاديميِّ في جامعة القصيم عن أخطاء علميَّة عرضتها عليه اعتذر بأنَّها ليست في الوحدة التي أنجزها، وأنَّهم اللجنة اكتفت بأحدهم لمراجعة علميَّة عامَّة، مراجع يؤجِّل فيضيق عليه الوقت فيستعرض المقرَّر سريعاً فتفوته ملحوظات كثيرة.وحيث طوِّرت المناهج الدراسيَّة ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم فجاءت مقرَّرات الاجتماعيَّات كما اطَّلعت عليها محقِّقة تطويراً حقيقيّاً يشير لنجاح الوزارة لدرجة كبيرة في آليَّتها الأخيرة في اختيار مؤلِّفيها، وأنَّه لا ينقصها إلاَّ آليَّة مماثلة لمراجعتها مراجعة حقيقيَّة لتتلافي هنَّات قليلة قياساً بمقرَّرات سابقة فلعلَّ الوزارة أن تتنبَّه لذلك لاحقاً بآليَّة أفضل لاختيار مراجعي مقرَّراتها الدراسيَّة وتحميلهم المسؤوليَّة بمحاسبتهم.