كانت السعودية مجتمعاً ذكورياً بامتياز حتى أن الطفل الصغير يقدم على أخواته الكبيرات المتعلمات، وله عليهن حق الأمر والنهي. فتيات اليوم لم تعد نبرات أصواتهن خافتة، وسيرهن متعثراً، وأعينهن شاخصات إلى الأخ الصغير تلقفاً لإشارة أو توجيه بل في خطواتهن الثقة وفي نظراتهن القوة، أما الأخ،إذا كان صغيراً أو كبيراً، فهو يسير إلى جانب أخته أو يتأخرعنها بعض خطوات. كان الأولى بالشحن الذكوري أن يجعل الشباب متسلطين بنزعة من الوحشية، وأن يزرع في البنات حالة سكون مستديمة لكن الوضع انقلب مع التغيرات المجتمعية فلم تعد التوجيهات التربوية ذات أثر وإن ظن الأهلون أنهم أحاطوا أسرهم بنمط تربوي متناسخ وصلب. لم تتغير الأنظمة كثيراً، الناس هم الذين تغيروا، ورغم بقاء الصورة الظاهرية ثابتة فإن داخلها اختلف تماماً. أصبحت المرأة قوة اقتصادية فإن كانت موظفة سايرها إخوانها من الطلاب ولبوا طلباتها طمعاً في المكافأة، وإذا ساروا معها إلى السوق تبعوها من أجل أن تشتري لهم بعض حاجياتهم ربما لأن التربية ربطت الاحترام بالقدرة المالية فأصبح من يدفع هو سيد البيت. في الحوارات لم تعد الفتاة مجرد مستقبل لسيل من النصائح والتوجيهات فهي طرف معادل أو أقوى فهي لاتقل تعليما بل ربما كانت أكثر تفوقاً. التعليم أحد أهم أبواب النجاة للطبقات المهمشة والمرأة كانت كذلك فلما تعلمت خرجت من القمقم واستعادت وضعها المستحق فلم يعد للمعارضين سوى النواح والعويل والتحذير، والمشكلة أنهم يوجهون خطابهم لمن لايملك من أمره شيئاً. ولعل النصيحة تختلف من مخاطر فساد المرأة إلى حثها على العناية بالشباب ومتابعة أحوالهم لأن الولاية للمقتدر وصاحب السلطة وليست افتراضية.