ملف القصور في مجال حماية الأطفال عندنا في المملكة، ملف لا بد من فتحه بين الحين والآخر، فالقضية ترتبط بفساد لابد من محاربته بكل ما أوتينا من قوة. فساد يرتبط بالمماطلة في اعتماد (نظام الحماية من الإيذاء) من قبل مجلس الشورى. لم يتأخر صدور النظام كثيراً، فقط خمس سنوات! النظام وإن كان كما قيل يفتقر لجانب العقوبات لكن هذا لا يعني أن يتأخر لخمس سنوات. سبب هذا التأخير فيما يظهر هو اقتراح بعض أعضاء المجلس أن يضم نظام التحرش الجنسي «للنظام المنتظر عجل الله به». والحقيقة أن نظام التحرش يرتبط بعقوبات التحرش في مجال العمل المختلط. وليس له شأن بنظام الحد من الأذى الذي نحن بصدده! أيضاً هناك سؤال ملح هو: هل أعضاء المجلس الموقرون، متخصصون في المجال الأسري والجنائي والشرعي كي يستأثروا بدراسة النظام بدون الاستنارة برأي الممارسين من الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين في مجال الحماية الاجتماعية؟! فهؤلاء هم الذين يتعايشون مع الواقع الدرامي البائس بشكل يومي، وليس من تحت قبة مجلس الشورى الفاخرة الجميلة! ثم ماذا عن حركة التدخل لإنقاذ المعنفين حسب خطورة البلاغ؟! من الواضح أن وحدة الحماية الاجتماعية بالرياض مثلاً، تستقبل بلاغات يومية كثيرة جداً من حالات تتعرض لأنواع مختلفة من العنف من نساء وأطفال، المصيبة هنا، أن كثيرا من هذه الحالات تحتاج للتدخل الفوري من قبل الشرطة. إلا أن الشرطة – بناء على كلام العقيد عبدكريم الحربي مدير إدارة حقوق الإنسان بشرطة الرياض – لا نظام لديها تعتمد عليه كي تدخل البيوت المقفلة بأبوابها على حالات معذبة! بل لا بد من انتظار صدور الأوامر له بالدخول في كل مرة – أوامر من قائده أو من الإمارة – فيجلس فريق الحماية في مكاتبهم ينتظرون صدور الأوامر، التي قد تأخذ أياما وهم لا يعلمون مصير هذا المعنف البائس الذي تم التبليغ عن حالته، هل هو على قيد الحياة أم لا؟ هل الحالة تحت الحبس والتعذيب والتجويع أم لا؟ كما نرى – هذه البيروقراطية – تعطي للمعنِّف (بكسر النون) فرصة لأن يهرب بالضحية لمنطقة أخرى كمثل حالات الأطفال، أو ينتقل لسكن آخر! بينما رجال الأمن ينتظرون التوجيهات! «مهزلة الإنقاذ» هذه تدفعنا للتساؤل عن دور أعضاء لجان الحماية الاجتماعية التي تكونت من عدة جهات بناء على تعميم من وزارة الداخلية حددت من خلاله الأدوار لكل جهة، وذلك بهدف حماية المعنفين بمختلف أعمارهم وجنسياتهم؟ ما أهمية مندوب شرطة الرياض وهو يحمل رتبة عقيد ومدير لإدارة حقوق الإنسان بالشرطة، بينما هو لا يملك صلاحيات أساسية كافية لتوجيه رؤساء مراكز الشرطة للتدخل الفوري العاجل لحماية أي حالة معنفة تقع داخل اختصاصهم السكني؟ ما قيمة الأمن في لجان الحماية، وهي لم تفكر في إعداد فرق أمنية للطوارئ – كما يحدث في الدول الأخرى- التي تمنح صلاحيات التدخل للإنقاذ العاجل بدلاً من انتظار الأوامر العليا التي قد تصدر في يوم أو أيام أو أسابيع، والنتيجة الله أعلم ماذا تكون! كما أنه لابد من بث بعض من تساؤلاتنا عن (البرنامج الوطني للأمان الأسري) الذي يلبس ثياب الترف ويعيش في برج عاجيّ بالرغم من ميزانيته الضخمة التي من حقنا جميعاً معرفة أين تنفق وفي أي وجه؟ لا بد من طرح الأسئلة على فرسان هذا البرنامج : الأساتذة ماجد العيسى وماجد قاروب والدكتورة مها المنيف، ماذا قدموا للحالات المعنفة؟ وهل تنفق تلك الميزانية في علاج حالات العنف وتأهيلها نفسياً وأسرياً؟ وتساندها في صرف الأدوية النفسية غالية الثمن أو تأمين العلاج للحالات المستعصية؟ هل تنفق الميزانية في مجال تدريب العاملين في هذا المجال بشكل دوري باعتبارهم هم المكلفون بمتابعة حالات العنف في مجال التدريب والتأهيل؟ فالذي أعرفه أنها دورات قليلة تعد على الأصابع، على مستوى المملكة !! بينما نلاحظ البذخ في الصرف على رحلات وأسفار مندوبي البرنامج الخارجية والدورات التي تشبه رحلات ابن بطوطة حول العالم؟! مجرد تساؤلات من حقنا أن نطرحها ومن حقنا أن نسمع عنها إجابات شافية فالناس أصبح عندها من الوعي ما يكفي لتمييز الجواب الشافي من الجواب الذي لا معنى له.