دعت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ثريا عابد شيخ إلى بناء دور جديدة لحماية الفتيات، لأن الدور الحالية لا تفي بالغرض، محذرة من دمج الفتيات اللواتي يعانين من مشكلات اجتماعية مع الفتيات اللواتي لهن سوابق.وقالت ل«الحياة»: «لا يوجد دور لحماية الفتيات من العنف، خصوصاً التحرش الجنسي، وكذلك لا يوجد دار متخصصة لرعاية الفتيات من العنف، خصوصاً التحرش الجنسي»، وتساءلت هل من المعقول ان ندمج الفتيات اللواتي يعانين من مشكلات اجتماعية مع فتيات السوابق؟! مشيرة إلى أن كثيراً من الفتيات لا يعرفن شيئاً عن الرقم 1919 المخصص لتلقي الشكاوى الخاصة بالفتيات. وأكدت أن غالبية الموظفات لا يتعاملن بعاطفة مع الفتيات بل بالعقل وهذا العمل إنساني، وأضافت: «تأتينا قضايا لا نعرف كيف يمكننا مساعدة مقدميها، فالنظام لا يسمح باستقبال شكاوى الفتيات، إلا بعد مرور الحالة على وزارة الشؤون الاجتماعية أو الشرطة أو المستشفيات، متسائلة عن مصير الفتيات اللواتي يتعرضن لعنف خارج ساعات الدوام الرسمي من الساعة الثامنة صباحاً حتى 3 عصراً»، ووجهت رسالة إلى هؤلاء الفتيات: «رسالتي لهؤلاء الفتيات ألا يغادرن المنزل، فهو أفضل لهن من الجلوس في الشارع». ودعت إلى إنشاء دور لحماية المعنفات، ووضع عقوبات رادعة لمن يقوم بالاعتداء على بناته، لأنه عندما تتعرض الفتاة إلى العنف لا تجد مكاناً تحتمي به وإن وجد تقيم فيه يوماً أو يومين فقط وبعد ذلك تسلم إلى الأسرة نفسها التي كانت تواجه العنف من أفرادها، لذلك نلاحظ بعض الفتيات والأسر يلجأون إلى وسائل الإعلام لطرح قضاياهم املاً في تدخل الجهات الرسمية بشكل سريع. وأما من جهة الباحثة في الشؤون الإنسانية مريم إبراهيم فشددت على ضرورة وضع آلية ثابتة لحماية الجيل الحالي من العنف، خصوصاً العنف الجنسي، لأنه من أمن العقاب أساء الأدب، وقالت ل«الحياة»: «إن بعض الآباء للأسف لا يطبق الشريعة إلا بما يراه مناسباً، بقول «أنت ومالك لأبيك»، لذلك لابد من إيجاد إستراتيجية ثابتة تتبعها وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا تعي ما دورها، ولا يوجد أكاديميون اختصاصيون بهذه الحالات للأسف من النفسيين والاجتماعيين»، وشددت بقولها: «لا بد أن نعترف أن لدينا مشكلات كي نستطيع أن نعالج هذه الأمور، وليس كما ذكرت إحدى المسؤولات في الوزارات نحن لسنا في حاجة إلى دور حماية». بدورها أكدت الباحثة الاجتماعية المهتمة بشؤون المرأة أسماء الشمري أن المرأة المعنفة تحتاج إلى آليات لتعزيز حمايتها، وهذه الآليات ليست أمراً مناطاً بجهة معينة وإنما يتطلب جهوداً متكاملة وتشاركية من جهات متعددة، فمن المهم أولاً أن يكون لدينا مؤسسات مجتمع مدني ناشطة في هذا المجال، إضافة إلى أن حماية المعنفات يجب أن تتم بجهود وزارة الداخلية، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة، وقبل كل ما ذكر أن يكون لدينا مجلس أعلى لشؤون المرأة، الذي طال انتظارنا له ولم نعد نسمع أو نقرأ أنه في صدد التنفيذ، وهذا أمر يؤسف له لأننا أكثر من يتغني ب «خصوصية» المرأة، ومع ذلك لا نجد أن هناك جهة معينة تُعنى بشؤونها كبقية المجتمعات في دول الخليج وفي الدول المجاورة. وشددت على ضرورة وجود ملاجئ لحماية المرأة المعنفة، وان تكون هذه الملاجئ في كل منطقة من مناطق الوطن نظراً لبعد المسافات بين المدن وعدم سهولة التنقل بالنسبة للمرأة، ويجب أن تكون هذه الملاجئ مرتبطة مباشرة بمراكز الشرطة بشكل مباشر، وإن كنا نتمنى حقاً أن نجد لدينا شرطة نسائية على الأقل في مجال الحماية الأسرية، وأن يكون رجال الشرطة تلقوا تدريباً خاصاً في التعامل مع حالات العنف الأسري. كما يجب أن يتم الإعلان عن هذه الملاجئ في كل مكان لتصل إلى كل البيوت كما تصل إليها إعلانات المطاعم السريعة، وأن يعلن عنها في الصحف والمدارس والجامعات والمساجد، وأن يكون هناك حملات إعلامية تلفزيونية وفي كل القنوات بحيث تصل المعلومات إلى الجميع، وأن تكون هذه الحملات مستمرة وبدون توقف حتى يتكون لدى المجتمع الوعي اللازم بهذه القضية. وقالت: «بالطبع حين نتحدث عما تحتاجه المعنفة فهي دون شك بحاجة إلى الشعور بالأمان بالدرجة الأولى، ويجب أن يتم لها ذلك من لحظة التبليغ عن العنف، وان يكون هناك خطوط مفتوحة على مدار اليوم لتلقي البلاغات، وان تكون مرتبطة بمراكز الشرطة، وأن يكون من يتلقى التبليغ مؤهلاً ليستمع إلى الضحية، وأن يكون مدرباً تدريباً كافياً حول التعامل مع الضحية في هذا الموقف من خلال بث رسائل تطمئن فيها الضحية إلى أن فرقة الحماية في طريقها إليها، وأنهم حريصون على سلامتها حتى تصل إلى ملجأ الحماية الذي يجب أن تتلقى فيه الرعاية الطبية أولاً ومن ثم نبدأ في تأمين الغطاء القانوني والرعاية الاجتماعية والنفسية والتأهيلية، وتحدثت عن أهمية أن تكون الشفافية هي مصدرنا الأول لعلاج مشكلاتنا، فالعنف النفسي اليومي يملأ بيوتنا بحيث أصبح لدى الكثيرات كطعم الماء والخبز، بينما هو في الواقع يورث الكثير من الإشكالات النفسية والصحية على حياة المرأة وينتهك كرامتها الإنسانية، وهذا للأسف نتيجة للتسلط الذكوري في المجتمع القائم في تربيته على موروث اجتماعي بائد وجاهلي بخصوص التعامل مع المرأة، لدرجة أنه أصبح أكثر تأثيراً وأقوى أثراً من القيم الدينية الإسلامية وشريعة الله الذي كرَّم الإنسان.