حسين أنور السنان دائماً ما نسمع بمصطلح «الخصوصية السعودية» يطلق تبريراً عند رفض أي فكرة أو سلعة أو خدمة جديدة، غير موجودة في مجتمعنا، حتى غدت هذه الخصوصية، عند البعض، حجة، أو عذراً لرفض كل ماهو جديد، دون وعي وإدراك كاملين لماهية هذا الجديد! منع دخول العزاب إلى المجمعات التجارية، على سبيل المثال، كان يبرر سابقاً بتلك الخصوصية، وبمنع من الجهات الرسمية لدخولهم، حتى اكتشفنا مؤخراً أن هذا المنع الوهمي لم يصدر من جهة رسمية يوماً من الأيام، ولم يكن له علاقة بالخصوصية المزعومة!في الماضي كان التجول بالكاميرا الفوتوغرافية، في الأماكن العامة، يواجه بالخوف والريبة من الناس، حتى أنّ بعض المارة قد يُسائل المصور، ويستفهمه عن مراده من التصوير، و قد يمنعه أيضاً! أما الآن، فتجد كثيرين يحملون كاميراتهم في الأماكن والفعاليات العامة، بل لا يخلو جيب أحدنا من كاميرا بعد أن أصبحت الكاميرا من مميزات أي جهاز جوال!وقس على هذا كثيرا من السلع أو الخدمات التي كانت ترفض بسبب «الخصوصية» ومن ثم صارت من الضروريات، أو البديهيات، لمن كان يعارضها قبل مؤيدها، كأطباق الاستقبال الفضائي، والإنترنت والبلوتوث و كاميرا الإنترنت، والبعثات الخارجية للبنات، وعباءة الكتف، وعمل النساء في محال المستلزمات النسائية.. إلخ!لا شك أن لكل مجتمع خصوصية وعادات وتقاليدا، ومن الواجب المحافظة على العادات الأصيلة في المجتمع، و حمايتها مما قد يؤثر عليها سلباً، ولكن أن تصبح «الخصوصية» حاجزا ومانعا يعيق المجتمع عن التقدم، أو مواكبة التطور، أو حتى عن التسلية البريئة! فهنا تجب إعادة النظر في ممارسة هذا المنع وهذا التحسس الزائد!في كل مرة أذهب للبحرين لمشاهدة السينما، أجد السعوديين يشكلون النسبة الأكبر من رواد صالات السينما، ومن مختلف شرائح المجتمع، من العوائل والشباب، يجلسون بكل أدب واحترام، ودون أي مشكلات أوتشنج، في صورة حضارية راقية، تليق بالمجتمع المحافظ المتطور. وفي كل مرة أتساءل: هل إذا افتتحنا مثل هذه الصالات على بعد كيلومترات معدودة من هنا، ستحل بنا كارثة؟! وأن هذا المجتمع المحافظ الملتزم، الذي يأتي ليشاهد الأفلام بكل أفراد العائلة، سيتغير وينفلت داخل بلده؟ الآن نمنع السينما البريئة الراقية المسلية، ولا نستطيع أن نمنع الشباب من تحميل الأفلام الإباحية من الإنترنت؟! وهكذا بقية القضايا، فهل توجد طائرات للخطوط السعودية تمنع الاختلاط ومخصصة للعوائل أو للنساء فقط؟!