الرياض – يوسف الكهفي العتيبي: «حافز» استثنى فئات عمرية في قمة العطاء والحاجة للعمل منيرة الخليوي: «حافز» لم يحفز إلا الخمول والكسل عشقي: الأسماء وإن كانت معانيها جيدة إلا أنها غريبة على المجتمع السلمان: هذه البرامج لم تأت في سياق مترابط بل جاءت كردة فعل الرشيد : الأسماء حملت دلالات موفقة.. و «داعم» أنسب من «ساهر» تسعى العديد من الجهات الحكومية التي لها اتصال مباشر باحتياجات المواطن المختلفة إلى توفير ما من شأنه إيجاد حياة كريمة لأبناء الوطن وخاصة جيل الشباب، سواء ما يتعلق بالدخل المادي أو بالسكن أو توفير البيئة المناسبة للعمل، أو الحد من المخالفات المرورية، وسعت تلك الجهات إلى إيجاد العديد من البرامج المختلفة كساهر، ونطاقات، وتكافل، وضامن، وبادر، وهدف، وغيرها، دعما لهذه الشريحة المهمة من المجتمع، ومن هذه البرامج يبرز «حافز» الذي تسعى وزارة العمل من خلاله إلى دعم الباحثين عن العمل، بصرف مخصص مالي شهري لدعم وتحفيز الباحثين بجدية عن العمل، والاستفادة من هذه الإعانة في تأهيلهم وتدريبهم عبر برامج تدريب وتأهيل معدة بعناية ليستطيعوا دخول سوق العمل وهم يملكون المعرفة والاستخدام الأمثل لوسائل التقنية الحديثة، التي أصبحت جزءًا من الحياة العملية اليومية. «الشرق» استنطقت عددا من الخبراء حول مسميات هذه البرامج ودلالتها، ومدى فاعليتها لحل المشكلات الطارئة، في ثنايا الأسطر التالية: مسميات وليدة الدكتور انور عشقي يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية الدكتور أنور عشقي» أن هذه المسميات وليدة للمتغيرات التي حدثت، وتأتي دائما الأنظمة والقوانين لتصحيح خطأ، وهذه الأمور جاءت كلها إما لتصحيح خطأ أو أنها جاءت من أجل تطوير أمر.» وضرب الدكتور عشقي مثالاً بنظام «ساهر» وقال:»ساهر جاء ليحد من المخالفات وأيضاً حافز جاء ليحد من نسبة البطالة وهذه الأمور كلها استحدثت، وإن كانت معانيها جيدة ألا أن الأسماء جاءت غريبة على المجتمع، وهذه في الحقيقة ظاهرة تطور وليست ظاهرة غير صحية، وعلينا أن نتقبلها ونفهمها، وتحدث دائماً مصطلحات مع تطور الزمن فعلينا أن نعي هذه المصطلحات، ولكن هذه المصطلحات هي نوع من التعريب، وهو أمر جيد وأفضل من أن تطلق الأسماء الأجنبية عليها ولا أعتقد أن هذا فيه أي خطأ أو عيب.» دراسات للواقع الدكتور عبد الله العتيبي يقول عضو مجلس الشورى وعميد كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله زبن العتيبي «إن جميع هذه البرامج لم توضع اعتباطا، بل جاءت بناءً على دراسات للواقع المعاش، وما يعانيه الباحثون عن عمل من صعوبات سواء في إيجاد الوظيفة أو في تقدير ما يستحقونه من دخل شهري بناء على ما يملكونه من شهادات ودورات وخبرات، تقتضي من هذه الجهات وضع الأمور في نصابها، ومنحهم ما يستحقونه نظير جهدهم وعملهم، ولا يجب أن نحكم عليها وهي في بداياتها نظير التطبيق غير السليم، أو تجربة غير موفقه بل إن التريث أمر مطلوب، ودراسة ما يطرأ من سلبيات وحلها ضروري وعرض النتائج بشفافية واضحة تجعل من المتابع وصاحب القرار الحكم عليها وعلى مدى تأثيرها وتحقيق أهدافها المأمولة.» قوة عاملة وأضاف العتيبي «إن برنامج حافز جاء للعمل وليس للبطالة، من هنا يظهر جليا أن الهدف هو تحويل الباحث عن عمل إلى قوة عاملة تسهم في خطط التنمية عبر الرفع من جودة إنتاجيته، من خلال الدورات التدريبية التي ستمنحه القدرة على خوض سوق العمل بكل اقتدار، هذا من جانب ولكن من جانب آخر نجد أن البرنامج قد استثنى فئات عمرية في قمة العطاء والحاجة للعمل، وظهر أيضا من ضمن البرامج ما يمكن تسميته حافز لقطاع الأعمال والشركات، الذي تسعي من خلاله وزارة العمل إلى توطين الوظائف عبر إيجاد نطاقات مختلفة يكون المعيار المهم فيها نسبة السعودة، وهذا بدوره أعطى المجال وفتح التنافس بين المنشآت للحصول على حوافز إضافية تقديراً لدورها في سعودة الوظائف.» صلة ضعيفة الدكتور عبد الله الرشيد ويقول الأستاذ في قسم الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبد الله الرشيد: «أجد أن صلة هذه البرامج بالتسمية صلة ضعيفة، ولكن هل استطعنا أن نوحي من خلال اللغة بهذه الأسماء بأشياء تثير التفاؤل أو توقع الرهبة في قلب المخالف؟ أقول نعم ، لأن كلمة حافز مثلا فيها من حفزّه إلى الشيء أي: حثه على الوصول إليه، فدلالة كانت موفقة، ولكن ساهر فيه إشكالات من ناحية التسمية لأنها لو كانت «داعم» أفضل من «ساهر» لأن السهر دائما يتبعه نوم وهذا لا ينام كما يبدو لي. أسماء موفقة وأضاف الرشيد رداً على السؤال، لماذا جاءت هذه الأسماء نكرة؟ لغة واصطلاحا؟ التنكير يدل على الشمول والعموم ، لأنه مع الزمن يصبح علماً على هذا النظام، أما التعريف ففيه تخصيص، فعندما أقول مكان، فكلمة مكان هذه تشمل أي مكان في الدنيا ولكن إذا قلت المكان: فأنا أقصد شيئا إما محدد في ذهني وإما أنه بيني وبين المخاطب عهد أو موقف يجعلنا نعرف إذا قلنا «مكان» نقصد به مكانا محددا، فيبدو لي أن الأسماء هذه موفقة من جهة أنها تعطي عمومية والعموم يعني أنها تشمل أكثر عدد من المستفيدين على خلاف لو كانت معرفة، ونلاحظ أن بعضها يأتي بصيغة المفرد مثل «حافز» وبعضها بصيغة الجمع مثل «نطاقات» وهناك فرق، حافز وسيلة واحدة للحفز، وهو كما علمت جاء ليمنح مكافأة للعاطل عن العمل حتى يجد وظيفة، فهي طريقة واحدة فكان من المناسب لها أن يكون التعبير عنها بكلمة مفردة، أما نطاقات فهي متعددة، وليست نطاقا واحدا بل هي أكثر من ذلك، ولذلك صار الجمع هنا مناسبا وفي مكانه الصحيح، وهذه الأسماء بالفعل نكرة ولكن لا إشكالية فيها، ساهر وحافز وضامن وغيره هي نكرات ولكنها في مكانها، ويجوز أن نسمي بالنكرة مثل خالد وعادل وناصر وهكذا، ولكنه يكتسب العَلَمية وهو خرج من كونه نكرة إلى أن صار علما. حملة توعوية د.عبدالله السلمان وأكد الدكتور في علم النفس الإرشادي عبدالله السلمان على ضرورة أن يصاحب هذه المسميات حملة توعوية بحجم أو قريبة من الحجم التخطيطي الذي بُذل، وتكرس معاني ومفاهيم ومضامين مقصودة من هذه المسميات حتى يتحقق الهدف، مشيراً الى أن حملاتها لم ترتقِ إلى مستوى الهدف الذي قصدت من ورائه هذه البرامج التي طرحت. وقال السلمان « لابد أن يؤخذ في الاعتبار عند إطلاق هذه المسميات تأثيرها ودلالاتها على نفوس الناس وقناعاتهم وتغيير وجهة نظرهم من وجهة نظر علم النفس وعلم الاجتماع». وشدد السلمان على أن هذه المسميات لابد أن تكون مدعومة وداعمة للبرنامج نفسه. مؤكداً على أن هذه البرامج بالنهاية وجدت لحل إشكالات طارئة، متسائلا: لماذا لا نفكر بالمستقبل؟ لأن هذه المشكلة سوف تستمر! ولماذا تكون الحلول مبنية على الضغوظ ورد الفعل ؟! ولماذا لا نخطط للأزمات مسبقا ونعمل على حلها قبل أن تتسع دائرتها ؟!. مخالفة للأهداف وقال السلمان «إن أغلب هذه الأسماء جاءت مخالفة للأهداف التي استحدثت لأجلها، فمثلاً حافز جاء لتحفيز الشباب والشابات العاطلين عن العمل، وكذلك بقية المسميات مثل ضامن وهدف وتكافل ونطاقات وساهر وغيرها. واستدرك قائلا «هذا لا يلغي أبداً أن بعض هذه البرامج حاولت أن تحقق جزءا من أهدافها ومنها «هدف» في صندوق الموارد البشرية وعلى الرغم من القصور، إلا أنه على الأقل حقق نوعا من الانسجام بين المسمى والبرامج التي طرحها». وأضاف «بالنسبة إلى برنامج «حافز» فما تحقق منه عبارة عن هدف جزئي غطى شريحة، لكنه فيما يبدو لم يحقق الهدف الذي قصد من ورائه». الواقع الفعلي وقالت أستاذة علم الاجتماع منيرة الخليوي «إن تلك الأسماء بعيدة عن الواقع الفعلي والملموس، وهناك الكثير من أبناء المجتمع لم يستفدوا من هذه البرامج، و»حافز» من وجهة نظري لم يحفز على العمل، بقدر ما يحفز على الخمول والكسل، حيث يحصل العاطل عن العمل على إعانة دون أن يعمل وهنا يفضل الراحة على البحث عن وظيفة ودوام والتزام في عمل، أما ساهر فهو يتفق مع مسماه فهو ساهر فعلا على التجسس والترصد من أجل الجباية وتحقيق أعلى دخل للشركة المشغلة، وليس «ساهر» على راحة الناس بقدر ما هو ساهر على بث القلق في نفوسهم، خاصة أصحاب الدخل البسيط الذين ربما لا يكفي دخلهم لفلاش كاميرا واحد من قبل ساهر، فلو كان الدخل الذي يحققه ساهر من جيوب الناس ينعكس على المواطن أو حتى المدينة التي تتم فيها مخالفة سائق المركبة مثل زينة الشوارع والإنارة والأرصفة وتصليح الحفريات وغيرها لربما تكون انعكاساته إيجابية على المجتمع ويتقبله، وهذا يندرج على معظم المسميات الأخرى التي لم تتطابق مع مسماها وهدفها الذي ينشده المواطن وليس من ابتكره.