لا أحد يعرف الفنان محمد فلاق عربيا، و لكن الجزائريين يعرفونه جيداً، ويحبه المغتربون في فرنسا وأوروبا لأنه يملك السحر العجيب الذي يحول مأساتهم إلى ضحكات تنفجر معها الدموع. إنه مسرحي من الطراز الرفيع، ممثلا وكاتبا ومخرجا، أتقن مهنته وظل واثقا في نفسه أنه خلق ليكون ناقدا حرا للمجتمع والسلطة والمعارضة، لكأنه حزب وسلطة مستقلة لوحده. لم تكن حياته بسيطة، ولد في بقعة ما من جبال جرجرة الشهيرة في الجزائر، وتطور من قروي صغير لا يتقن سوى لهجة البربر، إلى فنان عالمي يستلم جائزة الأوسكار الكندي لأحسن ممثل عن دوره في فيلم “السيد لزهر” للكندي فيليب فلاردو. حياته كانت طلعات ونزلات مثل الجبال التي خرج منها. فقد أثرت ظروف الجزائر على حياته، وجعلته يتخلى عن منصبه كمدير للمسرح الجهوي بمدينة بجاية ويخرج إلى تونس، حين أصبح رجال الثقافة والمسرح والفن أهدافا للإسلاميين المتطرفين، ولكنهم لاحقوه إلى تونس ونجا من محاولة اغتيال هناك، حين وضعت سيدة قنبلة في حمام النساء، انفجرت خلال وقوفه على خشبة المسرح لتقديم مسرحيته، كان ذلك العام 1995، فقرر أن يغادر نهائيا إلى باريس. وكما في ملهاة الحياة، تتغير حياة فلاق من رجل مهدد بالقتل إلى فنان بحجم الأوسكار.