أشاد أمين عام جائزة الملك فيصل الخيرية، الدكتور عبدالله العثيمين، بدعوة المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مستعرضاً في محاضرته بداياته في الدعوة، ودوره في تنوير الناس بمعتقداتهم الصحيحة، وإزالة المعتقدات الباطلة، ومحاربته للتوسل بالموتى، وزيارة القبور، حتى لا يكون وسيطاً بين الله وخلقه. وجاء في المحاضرة التي ألقاها العثيمين أمس في خميسية الجاسر بعنوان «ابن عبدالوهاب في نظر مستشرقين وتنويرين»، وأدارها أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود، الدكتور عبدالعزيز الهلابي، أن المستشرقين والتنويرين رأوا أن الشيخ وأتباعه يستمدون التشريع من القرآن والسنة، بوصفهما مصدرين أساسين مشتملين على كل الأحكام، وأن آراء المفسرين الأجلاء للقرآن محترمة بالرغم من أنها ليست متبعة على إطلاقها، وأن الخلاف بينهم وبين خصومهم من المسلمين هو أنهم يتبعون بدقة الأحكام نفسها التي أهملها الآخرون، وأن ديانة ابن عبدالوهاب وأتباعه إسلامية تطهيرية، يحتل فيها توحيد الله المبدأ الأساس، ولأنهم يعدون الناس متساوين أمام الله فإنهم يحرمون التوسل بالأولياء الأموات، أو تقديس رفاتهم، وأن جهود ابن عبدالوهاب كانت موجهة ضد الفساد، هادفة إلى إعادة عقيدة المسلمين إلى طهارتها الأولى. واستدرك العثيمين الأخطاء التي وقع فيها نيبور بنظرته إلى الشيخ وأتباعه، معللاً ذلك بعدم التقائه بالعلماء في نجد، ولا في خارج نجد، في حينها. ثم تحدث العثيمين عن نظرة التنويريين للشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومنهم أحمد أمين، الذي كان رأى أن دعوة ابن عبدالوهاب كانت حرباً على كل ما ابتدع بعد الإسلام من عادات وتقاليد، فلا اجتماع لقراءة مولد، ولا احتفاء بزيارة قبور، ولا خروج للنساء وراء الجنازة، ولا إقامة أذكار يغنَّى فيها ويُرقص، فكل هذا مخالف للإسلام الصحيح ويجب أن يزال، ويجب أن نعود إلى الإسلام في بساطته الأولى، وطهارته ونقائه، ووحدانيته، واتصال العبد بربه من غير واسطة ولا شريك، والكتب المملوءة بالتوسلات كتب ضارة. واختتم محاضرته بالحديث عن نظرة طه حسين، الذي يعد من طليعة التنويريين ممن تحدثوا عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته، وأشادوا به، حيث رأى طه حسين أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب عاد بعد رحلاته إلى موطنه نجد، فأقام مع أبيه حيناً يناظر ويدعو إلى آرائه حتى ظهر أمره وانتشر مذهبه، وانقسم الناس فيه قسمين، فكان له الأنصار، وكان له الخصوم. وكان المذهب الذي دعا إليه جديداً قديماً معاً، موضحاً «أنه جديد بالنسبة إلى المعاصرين، ولكنه قديم في حقيقة الأمر، لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من كل شوائب الشرك والوثنية، هو الدعوة إلى الإسلام، كما جاء به النبي خالصاً وحده ملغياً لكل واسطة بين الله وبين الناس، هو إحياء للإسلام العربي وتطهير له مما أصابه من نتائج الجهل ومن نتائج الاختلاط بغير العرب».