أكد الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية الدكتور عبدالله العثيمين أن بعض كتابات المستشرقين والرحالة عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب حملت أخطاء علمية تاريخية جسيمة، إما بسبب الجهل في حقيقة الدعوة، وإما اعتماد معظم تلك الكتابات على بعض خصوم الدعوة، أو عدم دخول أصحابها إلى «نجد» ولقاء أتباع الشيخ عن قرب. وقال العثيمين خلال ندوة نظمت في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة تحت عنوان « دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عند بعض الرحالة والمستشرقين» إن من بين الأخطاء التاريخية التي حملتها تلك الكتابات اعتبار دعوة الشيخ دعوةً إلى ديانة جديدة، وتأكيد بعضها أن الشيخ خلف ابنه بعد وفاته في الحكم، إضافة إلى خروجه في الطلب إلى بلاد فارس، وتشبيه دعوته بدعوة «مكرمي»، واعتباره أن محمداً وعيسى وموسى مجرد زعماء عظام ولا«حظ» لهم في النبوة، إضافة إلى أن السنة شكت من بدع الشيخ. وأوضح العثيمين أن التحيز ضد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابات المستشرقين والرحالة الأوروبيين أقل وطأة من كثير من كتابات العرب المسلمين الذين وقفوا ضد الدعوة. مشيراً إلى أن رحلات المستشرقين إلى الجزيرة العربية جاءت متزامنة مع الغزوات الاستعمارية للمنطقة ودفع تلك الرحلات تنوع الرغبات السياسية، والعلمية والاستعمارية. وأكد العثيمين أن أول رحلة أوروبية للجزيرة العربية كانت عام 1503م ، وقال «إن كتابات المستشرقين اختلفت من حيث الضعف والقوة، والجودة والحياد، وفقاً لدوافع كتاباتهم، وبالرغم من ضعف كثير منها إلا أنها حملت في ثناياها معلومات كبيرة عن المدن والقرى والمناطق التي زاروها وأحوال الناس فيها. وأضاف العثيمين أن القرن ال12 من الهجرة، ال 18من الميلاد شهد ازدياداً في اهتمام الأوروبيين في المنطقة، وبسببه أرسلت الحكومات الدنمركية وفداً مكوناً من ستة علماء إلى بلاد العرب سهلت لهم الطرق، كان من بينهم كرستن نيبور carsten nibuhrs وقدموا إلى البلاد العربية عام 1762م وهو أول أوروبي كتب عن الجزيرة العربية. ولفت إلى أن كرستن نيبور لم يقابل أحداً من أتباع الشيخ كما صرح نيبور نفسه، إضافة إلى أنه ألف كتابه بعد البيعة التي تمت بين الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب ب 21 عاماً، في السنة التي توفي فيها محمد بن سعود وخلفه ابنه عبدالعزيز، وكتاباته فيها شيء من الحياد. وكانت كتابات نيبور carsten nibuhrs عمدة لكثير من المستشرقين الذين كتبوا بعده فتأثر به المستشرق (دوساسي) و (روسو ROUSSEAU ) و (كرانيس). وأضاف، هناك عدد من الرحالة والمستشرقين كانت كتاباتهم عن دعوة الشيخ وعن الحالة السياسية في نجد محايدة، كالرحالة السويسري (بروكارت) والمستشرق (جِب) و(بينوارند) وغيرهم، اعترفوا فيها أن دعوة الشيخ تعد تجديداً لرسالة السلام، ودعوة إلى التوحيد، وإرجاع الناس إلى الدين الذي تركه النبي محمد لأمته، وأنها ليست ديانة جديدة، إضافة إلى أن الدولة السعودية نجحت في توحيد نجد والجزيرة، بعد أن كانت مقسمة إلى دويلات صغيرة متحاربة متناحرة، وأول أوروبي كتب فيها أطروحة علمية رسالة دكتوراه المستشرق جورج رِسب وذلك في جامعة كاليفورنيا.