مازالت الجعجعة الإعلامية الإيرانية متواصلة، فتارة تهدد بإغلاق مضيق هرمز وتارة مستعرضة قوتها العسكرية وأخرى مهددة بالتدخل العسكري في الجزر الإمارتية، مستخدمة كل ما تصل له يدها من وسائل الإعلام المرئي أو المقروء، للتأثير والتهديد وإثارة الفتن والبلبلة في الخليج لتغطية فشل سياستها الداخلية في حل مشكلات شعبها ناهيك عن تدخلها في شؤون الدول الأخرى، سائرة على مبدأ «دعوا الجعجعة لنا واتركوا الطحن لسوريا». أكثر من عام مرت على الانتفاضة السورية ولايزال الوضع كما هو، فالمئات يقتلون يوميا والآلاف من الأسر تشرد والعالم يقف موقف المتفرج على تلك المسرحية المرعبة، التي تفنن النظام السوري الصفوي الرافضي المجوسي وشبيحتة بممارسة شتى أنواع التعذيب والإبادة في ذلك الشعب الأعزل، ممارسة بذلك جميع أشكال الإرهاب الفكري والجسدي في وقت وقف العالم أجمع فيه للتصدي لمكافحة الإرهاب، فما باله اليوم يعرض وينأى بجانبه عن وقف تلك المجازر اليومية، فلم يعد الأمر كالسابق فالجميع يرى ويسمع مباشرة، فكيف يسمح العالم للتاريخ أن يعيد نفسه لمجازر الأسد الأب في حماة عام 82 19م، التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف قتيل، التي عنونت صحيفة لوماتان الفرنسية تلك الكارثة الإنسانية في أحد صفحاتها في عددها رقم 1606 تاريخ 24 نيسان 1982، «في سوريا، الإرهابي رقم واحد هو الدولة»، فهاهو التاريخ بعد ثلاثين عاما يعيد نفس العنوان ولكن باختلاف المنفذين. وهاهو التاريخ يعيد كتابة نفسه مع إضافة فصول جديدة في الممارسات الوحشية التي ضربت بعرض الحائط جميع ما يمت للإنسانية بصلة مدعومة من قبل نظام الملالي الإيراني ومستمدة شرعيتها بواسطة الفيتو الروسي – الصيني حيث اتضح بأن تلك الدول التي تتمتع بحق النقض( فيتو) غالباً ما يستخدمونه لأجل مصالحهم بعيداً عن مسؤولياتهم الإنسانية أو الأخلاقية، ناكثين العهد الذي قطعوه على أنفسهم في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي ينص على أنهم لن يستخدموا حقهم في النقض إلا في أضيق الحدود وسيتحلون بحس عالٍ من المسؤولية تجاه الشعوب الأخرى، ولا أعلم عن أي مسؤولية يتحدثون؟ إن سياسة الترهيب المطبقة من قبل النظام السوري لاتختلف كثيرا عن سياسة التتار، « فكان من وسائل التتار المشهورة لشن حرب نفسية على المسلمين كتابة الرسائل التهديدية الخطيرة، وإرسالها إلى ملوك وأمراء المسلمين، وكان من حماقة هؤلاء الأمراء أنهم يكشفون مثل هذه الرسائل على الناس، فتحدث الرهبة من التتار، وكان التتار من الذكاء بحيث إنهم كانوا يستخدمون بعض الوصوليين والمنافقين من الأدباء المسلمين ليكتبوا لهم هذه الرسائل، وليصوغوها بالطريقة التي يفهمها المسلمون في ذلك الزمان، وبأسلوب السجع المشهور آنذاك، وهذا- ولا شك – يصل إلى قلوب الناس أكثر من الكلام المترجم الذي قد يفهم بأكثر من صورة، كما أن التتار حاولوا في رسائلهم أن يخدعوا الناس بأنهم من المسلمين، وليسوا من الكفار، وأنهم يؤمنون بكتاب الله القرآن، وأن جذورهم إسلامية، وأنهم ما جاءوا إلى هذه البلاد إلا ليرفعوا ظلم ولاة المسلمين عن كاهل الشعوب البسيطة المسكينة (ما جاؤوا إلا لتحرير العراق)، ومع أن بطش التتار وظلمهم قد انتشر واشتهر، إلا أن هذا الكلام كان يدخل في القلوب المريضة الخائفة المرتعبة، فيعطي لها المبرر لقبول اجتياح التتار، ويعطي لها المبرر لإلقاء السيف، ولاستقبال التتار استقبال الفاتحين المحررين بدلاً من استقبالهم كغزاة محتلين،لقد كانت تلك الرسائل التترية تخالف الواقع كثيراً، ولكنها عندما تقع في يد من أحبط نفسياً وهزم داخلياً، فإنها يكون لها الأثر العظيم». هذا ما دأب النظام الأسدي، على فعله منذ تولية السلطة، فبدأ بالأرهاب الفكري فالجسدي وأوهموا العامة بأنهم من المسلمين وليسوا من الكفار، وأنهم يؤمنون بكتاب الله القرآن، وأن جذورهم إسلامية، ولكن هيهات فالاسلام منهم براء .. فهاهم يستهدفون المساجد، ودور العبادة، ويستبيحون الأعراض والدماء و يمارسون كافة أنواع الشرك بالله. وعلى النقيض، لا تزال المواقف المشرفة من بعض الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وغيرها هي الدافع المعنوي للشعب السوري المناضل و للجيش الحر، ولكن بلا شك أن مواقف خادم الحرمين الشريفين تجاه مايحدث في سوريا كانت هي السمة البارزة منذ البداية، وما للموقف السعودي من ثقل على الصعيد الإقليمي والدولي، إضافة الى أن الملك عبدالله هو أول من بادر لوقف مسلسل العنف الذي يمارسه النظام ضد الشعب الأعزل، فمنذ البداية قال في كلمته التاريخية إن المملكة لن تسمح لهذا القتل أن يستمر، مدعما ذلك بالمساعي الحثيثة لإيجاد الحلول لوقف آله الحرب وإراقة الدماء، راسمًا بذلك أرفع المبادئ الإنسانية والأخلاق الإسلامية ( فالمؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).