تميز أمبرواز فولار (1868-1939)، وهو تاجر أعمال فنية بإبرازه موهبة سيزان، وغوغان، وماتيس، وخصوصاً بيكاسو، الذي دفعه إلى إنجاز أجمل سلاسل الغرافور في القرن العشرين، ومن بينها سلسلة فولار. هذه السلسلة الأخيرة، فضلاً عن أربع أخرى من الغرافور التي أنجزها العبقري الإسباني معروضة حتى الثامن من يوليو في البندقية في “بالاتزو كافالي فرانكيتي”، على ضفة القناة الكبرى في معرض بعنوان “العبقري والتاجر”. وأوضحت مفوضة المعرض كلاوديا بيلترامو تشيبي لوكالة فرانس برس “هو أول معرض مكرس كلياً وحصرياً إلى التعاون الذي قام بين بابلو بيكاسو، وأمبرواز فولار (..)، الذي بقي للغرابة، سرياً بعض الشيء”. ولد فولار العام 1868 في لاريويني، وترك جزيرته هذه للانتقال إلى باريس، حيث درس القانون مغذياً في الوقت ذاته شغفه بالفن الذي قاده إلى فتح غاليري خاصة به العام 1893. واستضافت هذه القاعة في يونيو 1901 المعرض الباريسي الأول لبابلو بيكاسو الذي لم يكن قد تجاوز التاسعة عشرة. وفي العام 1906، اشترى فولار من بيكاسو كل إنتاج “المرحلة الزرقاء” بسعر ألفي فرنك فرنسي. وشددت بيلترامو تشيبي على أن “هذا المبلغ كان الأكبر الذي يتقاضاه الرسام الشاب حينها”. وفولار عاشق الأدب أيضاً “كان يتمتع بحس فني مرهف. وجهد لإقناع أكبر الفنانين في مرحلته بأهمية فن الغرافور الذي اعتبر للمرة الأولى في الحقبة الحديثة نشاطاً رئيسياً (...) سمح لجمهور أوسع بالوصول إلى الفن”. فنجح باقناع بيكاسو بإنجاز أربع سلسلات جديدة من الغرافور جعلته “بعد رامبرانت وغويا، العبقري الجديد في فن الغرافور الحديث”. وتشهد على هذه الموهبة الكبيرة “الوجبة البسيطة” (1904) وهي تجسيد مؤلم ورائع للفقر، وكذلك “المهرجان”، بورتريه طفلين هزيلي الوجه. إلا أن إبداع بيكاسو تفتق خصوصاً في “سلسلة فولار”، وهي مجموعة من مئة غرافور أنجزها بين عامي 1932 و1937، بعدما نجح تاجر الأعمال الفنية بدفع بيكاسو إلى تنفيذها في مقابل استعادته لبعض من لوحاته. وهذه المجموعة تجسد مواضيع أساسية في الميثولوجيا الشخصية للفنان من المينوتور (جسم إنسان ورأس ثور) الحنون والمخيف في آن الذي ظهر للمرة الأولى في هذه السلسلة. ومن بين المواضيع الرئيسية “العناق”، و”رامبراندت”، و”محترف النحات” و”المينوتور”، و”المينوتور الأعمى”، وفي الختام ثلاثة بورتريهات لإمبرواز فولار. وهي تحفة فنية قدمها بيكاسو على أنها “نوع من سيرة ذاتية”. وقد انفصل مسار الرجلين عندما بدأ بيكاسو التعاون مع تاجر قطع فنية شهير آخر هو دانيال – هنري كانفيلير. وتوفي فولار العام 1939 في حادث سير سخيف عندما تسبب تمثال لمايول كان ينقله بوفاته بعدما ارتطم بعنقه. أ ف ب | البندقية (إيطاليا)