أجزم أن معظم مشاهدي برنامج «الثامنة مع داوود» يقفلون التلفاز بعد الحلقة مباشرة وهم يحملون «فقعة» قلب وحسرة لا توصف. داوود الشريان إعلامي مخضرم ومتزن يقدم برنامجا شعبيا رائجا بعد سلسلة برامج سابقة، وله -أي داوود- خلطة شخصية خاصة تجمع بين الخبرة وبساطة التعبير والصراحة إلى حد ما جعلت له هذه الشعبية والمحبة في قلوب الناس. لا أكتب اليوم «للتغزل» في براعة الشريان الذي هو في غنى عن غزلي الذي أحتفظ به لأشياء أولى، كما أنني لا أريد أن أكون «صنَّاجة» للهزيمة والفشل، لكنني أتساءل ومن حقي التساؤل عن الغياب «المفجع» لمنبر حكومي يتفاعل ويناقش ويساهم في حل مثل تلك القضايا التي ناقشها برنامجه، وهي قضايا ليست هامشية وإنما تعني المواطن في صميم حياته اليومية. البنوك التي جعلت حياة المواطن الغلبان «كحيتي» واستفردت به وأكلت الأخضر واليابس دون حسيب ولا رقيب. المستثمر الأجنبي في «المظبي والمندي»، معاناة المرأة ونزفها المستمر بين بيروقراطية بعض الدوائر الحكومية والأنظمة. بعض الشركات و«حنشلتها» للمشروعات سنوات طويلة دون أن تقدم شيئا لأبناء البلد. أنا كمواطن لا تعنيني جرأة الشريان و«نشبته» لضيوفه، بقدر ما يعنيني أن مجلس الشورى ينبغي أن يستثمر جل وقته في مناقشة هموم المواطنين، بدلاً من الانشغال بمناقشة تقارير «صوامع الغلال» واتفاقيات تبادل «الجحوش»، وكأننا في القرون الوسطى. يعنيني كذلك ألا تتحول نقاشاتنا إلى مجرد «فشة خلق» وتنفيس! «الثامنة مع داوود» قدم لنا أكبر خدمة بإثباته أن مجلس الشورى بشكله الحالي لا يحقق كل طموحات المواطنين!