تمكنت قوى الأمن اللبنانية من الإيقاع بعصابة امتهنت تصنيع المخدرات وتوزيعها منذ خمس سنوات، وذلك بعد عملية أمنية بدأت بضبط عناصر الجمارك لآلتي تصنيع حبوب الكبتاغون المخدرة. وكشفت التحقيقات، التي أجراها مكتب مكافحة المخدرات المركزي، أن الرأس المدبّر للعصابة هو رجل الدين هاشم الموسوي، شقيق النائب عن حزب الله حسين الموسوي. وبحسب مصادر أمنية لبنانية، فإن عمل العصابة يدخل في إطار الجريمة المنظّمة، لاسيما أن أفرادها كانوا يهربون المخدرات من لبنان إلى المملكة العربية السعودية. تفاصيل إسقاط العصابة بدأت عملية القبض على العصابة منذ قرابة شهرين إثر اكتشاف الجمارك اللبنانية أن الآلتين المشحونتين من الصين إلى لبنان على أنهما مخصصتين لتصنيع الشكولاتة ليستا سوى جهازي تصنيع مخدرات. إزاء ذلك، جرى توقيف المواطن مروان سعد، المُلقب ب «الدكتور»، للاشتباه في ضلوعه في تصنيع المخدرات، واستجوبته عناصر الجمارك قبل أن يُحَال إلى مكتب مكافحة المخدرات المركزي، وهناك اعترف على شركائه كاشفاً أسماء المتورّطين معه. وبالمتابعة، ضُبِطَت عدة أطنان من مادة الكافيين و2330 لترا من مادة الإثير، التي تعد مواداً أولية تدخل في تصنيع المخدرات، وذلك إثر توقيف عميل جمركي في مرفأ بيروت، قام باستيراد هذه المواد وإخفائها، بناءً على المعلومات التي أدلى بها الموقوف سعد.وفي ذات السياق، ذكرت مصادر أمنية ل «الشرق» أن التحقيق مع مروان سعد أوصل المحققين إلى عشرة أشخاص متورطين في القضية، بينهم شقيق نائب حزب الله حسين الموسوي، وهو هاشم علي الموسوي، المتهم الأبرز في تصنيع حبوب الكبتاغون وتهريبها. وأشارت المعلومات إلى أن النشرة الجنائية ل «الموسوي» أظهرت وجود سوابق في حقّه، علماً بأن التحقيقات أوصلت في النهاية إلى أنه الرأس المدبّر للعصابة. وقامت الأجهزة الأمنية برصد منزل المشتبه به الموسوي، وجرت مراقبة الأشخاص الباقين، وهم شخصان من آل المقداد، وشقيق الموقوف مروان سعد، وحسين إسماعيل، وجبران خنيزير، وكمال سلام، ووديع الفخري وطارق الموسى. وبعد متابعة مكثفة، توصلت القوى الأمنية إلى كشف متورطين جدد في قضية الكبتاغون يقيمون في بلدة إيعات البقاعية، فدهمت القوى الأمنية منزل أحمد زين الذي جرى توقيفه بعد محاولته الهرب، فاعترف خلال التحقيق أنه كان يخلط المواد الكيماوية لتصنيع الحبوب المخدرة لمصلحة هاشم الموسوي.وأفاد زين أن الشقيق الثاني للنائب حسين الموسوي، جهاد، كان يحضر لاستلام الخلطة ويعيدها إليه على شكل «أقراص عليها شعار الكبتاغون» جاهزة للتهريب.وتوسّعت التحقيقات فأوصلت إلى متورط جديد هو ذوالفقار علي الموسوي، وهو ليس من عائلة النائب الموسوي، لكنه كان يعمل سائقاً لديهم، ودُوهِم منزله فعُثِرَ داخله على معدات تصنيع المخدرات ومواد أولية تدخل في صناعة الكبتاغون.وفي الإطار ذاته، علمت «الشرق» أن النائب الموسوي لم يكن على علاقة جيّدة مع شقيقيه منذ مدة طويلة. مداهمة مستودع لتصنيع المخدرات وتوافرت معلومات للقوى الأمنية عن وجود مستودع يحتوي على معمل كيميائي لتصنيع المخدرات في محلة التيرو-الشويفات، ودُوهِم المستودع المذكور فعُثر فيه على آلات لتصنيع المخدرات والمواد الكيميائية المكوّنة لها. وسط ذلك، تم توقيف صاحب المستودع من آل زيب بعد استدراجه إلى محل يملكه في حارة حريك، فاعترف أنه يقوم مع شخص من آل مراد بتصنيع مادة باز الامفيتامين لمصلحة الموسوي، شقيق نائب حزب الله. كذلك كشف أن شخصًا ثالثًا يُدعى الشيخ عباس ناصر، وهو رجل دين مُعمم، كان يتولى نقل المواد الأولية إلى المصنع ويستلم المواد المصنعة، وتمكنت القوى الأمنية من إلقاء القبض عليه بعد استدراجه. وبدأت التحقيقات مع الموقوفين، فأقرّ كل من زيب ومراد بأنهما يقومان بتصنيع المخدرات في مستودع الشويفات منذ العام 2007 لمصلحة الموسوي، لقاء مبالغ مالية وصلت إلى ما يُقارب المليون ونصف المليون دولار. وأشارا إلى أنهما قاما بإنتاج طنين من المواد الأولية، وأفادا أن المعمل الكائن في منطقة الشويفات المحاذية للضاحية الجنوبية لبيروت الذي تم تمويهه كمعمل لإنتاج «النايلون»، يُنتج ما يقارب من مائة ألف حبة يومياً. ومنذ عدة أيام، أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس قراراً ظنيّا طلب فيه إنزال عقوبة السجن المؤبد بحق كل من هاشم وجهاد الموسوي، لكن الأخيرين لا يزالان متواريين عن الأنظار، ففيما تتحدث معلومات عن وجودهما في بلدة النبي شيث البقاعية، ذكرت مصادر أمنية أنهما غادرا البلاد إلى سوريا أو العراق. تجدر الإشارة إلى أن حبوب الكبتاغون هي أكثر الحبوب المخدرة رواجاً بين الشباب في لبنان، ويبلغ ثمن الحبة الواحدة في لبنان قرابة خمس دولارات أمريكية، ومن المعلوم أن عقوبة تهريب المخدرات في المملكة هي الإعدام.