تتفق آراء برلمانيين عراقيين مراقبين للمشهد السياسي على أن المؤتمر الوطني المرتقب إما أن ينتهي إلى حلول توافقية حتى الانتهاء من عمر حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي أو يقر الإبقاء عليها مع تعطيل عجلة التشريع لحل الخلافات الأساسية على تطبيق الدستور العراقي في أكثر من مسألة حيوية أبرزها قانون النفط والغاز والعلاقات بين المحافظات والأقاليم والحكومة الاتحادية في العاصمة، فضلا عن آليات التوازن الوظيفي واتخاذ القرارات المصيرية في اجتماعات مجلس الوزراء، وكلها قضايا تمت معالجاتها في اتفاقات أربيل، لكن المالكي ادعى أنه وجد في الكثير منها «مخالفات دستورية». وفي المقابل، رأى آخرون أن انفراط عقد الدولة يعني في قراءات عراقية تحليلية عودة سياسة المحاور الطائفية وربما الانهيار الأمني الكامل، وهو الإنجاز الذي يتباهى به المالكي والأمريكان على حد سواء. العلاج من داخل الدستور يرجح القيادي في حزب الدعوة وعضو اللجنة التحضرية للاجتماع الوطني حسن السنيد، أن اللجنة عاكفة الآن على دراسة الطلبات ومقترحات الأطراف بما يتعلق المشكلات التي أعقبت الانسحاب الأمريكي من العراق.وهي طلبات تتمثل في إعادة تشكيل هيكلية الدولة العراقية بعد الخروج الأمريكي بما يتناسب مع الدستور، كاشفا عن وجود خلافات في وجهات النظر داخل اللجنة حول طبيعة جدول الأعمال مؤكدا أن الجميع لديه تصور بأن المشكلات يجب أن تطرح مرة واحدة في جدول العمل ليكون هناك علاج حقيقي نابع من الدستور العراقي لحل الخلافات القائمة حاليا. الحوار من أجل التعايش يرى الناطق باسم المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ حميد المعلة، أن اللجنة التحضيرية ستعاود أعمالها لبحث آخر تطورات المشهد السياسي ومنها موضوعي الأكراد والقائمة العراقية، مشيرا أنه حتى الآن لم تتخذ قرارات بهذين الأمرين، وقال «هناك قضايا في رؤيتنا يجب أن تحل عبر ما أسميناه بالملتقى الوطني أو المؤتمر الوطني وفي هذا المؤتمر الذي سبقته اجتماعات لجان كانت تعد جدول الأعمال وكان ينطوي على ترسيم كل هذه المشكلات ووضع حلول جذرية ولا يمكن أن تقاد هذه الأمور بتسوية أوترضية إلا بتوافقات واضحة ومقنعة لجميع الأطراف، وأضاف «أن أغلب مطالب الأكراد ستكون ضمن اتفاقية أربيل ولا يوجد هناك اختلاف لدى التحالف الوطني على ضرورة إنجازها، هناك اختلاف فقط حول تطبيقها وفق أحكام الدستور وبمفاهيم الدستور»، وعن مطالب القائمة العراقية، وأبرزها حل الجانب السياسي في ملف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وإعادة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك إلى موقعه نائبا لرئيس الوزراء، قال المعلة: إنه غير معني بالجواب، ولكن الذهاب إلى الحوار ومعرفة طلباتهم ومناقشتها بجد «إذا كنا راغبين بالتعايش السلمي» أما بخصوص طرح قضية الهاشمي فهو مقترح مسعود البرزاني السابق وربما يتم مناقشته ولكن رأي التحالف الوطني بقضية الهاشمي هي قضائيه أكثر منها سياسية» على حد قوله. رؤية أمريكية وفِي تقرير نشرته صحيفة الوشنطن بوست، يقول توبي دودج، خبير الشؤون العراقية في كلية لندن للاقتصاد، إن «رئيس الوزراء نوري المالكي يتجه نحو دكتاتورية مدمرة بشكل لا يُصدّق»، وأضاف «يبدو لي كما لو أن إدارة أوباما تلوح له عبر خط النهاية»، وأوضح قائلاً «في الوقت نفسه فإن النتائج على الأرجح إما أن تتأسس دكتاتورية أو الحرب الأهلية، وستكون النتيجة كارثية بسبب وقوع العراق بين إيران وسوريا». وهذا يعني في أقل الاحتمالات أن نشوء نظام «استبدادي قويّ « بهالة شكلية من الديمقراطية هو «الحل» وإلا فإن البلاد ستنحدر نحو الحرب الأهلية؟. وفي رده على سؤال عن الدور الأمريكي في تطبيق مثل هذه السياسات من قبل المالكي، يقول علاء مكي أحد النواب القادة في القائمة العراقية «إنهم لايعملون شيئا، ولكنهم يحتاجون للقيام بالمزيد، وهدفهم بشأن عراق موحد وديمقراطي هو الآن تحت التهديد بسبب ما نصفه الاتجاه الدكتاتوري». ويقول عمر المشهداني الناطق السابق باسم البرلمان العراقي، بأن السفارة الأمريكية لا زالت تمارس نفوذا كبيرا، وقال «ولكنهم لا يستخدمونه، إنهم يبدون مقتنعين بالمالكي، في الوقت الذي حذر فيه المالكي بعدم تهديد مصالحهم». الأمريكان لا يمارسون ضغوطا يقول خالد الأسدي وهو النائب المقرب من المالكي» لقد انتهى كل التدخل الأمريكي في الوضع الداخلي للعراق، وهم لا يتدخلون أبدا «، واصفا علاقات العراق مع الولاياتالمتحدة بأنها «أفضل عما كانت عليه»، وقال «إنهم لا يمارسون الضغط علينا، إنهم يقدمون النصائح فقط، ولأنهم أصدقاؤنا، فنحن نسمع لنصائحهم، ولكن حينما تكون مفيدة لمصالحنا فقط وتكون إيجابية «. من جانبه، قال حسن جهاد ،النائب عن التحالف الكردستاني «قد تكون هناك ملاحظات على السلطة التنفيذية وكيفية إدارة الدولة، ولكن هذا الأمر يمكن تجاوزه بالحوار والتفاهم بين الكتل السياسية لضمان عدم نشوب حرب أهلية وعدم التفرد بالسلطة». موضحا «الوضع في البلد صعب ومعقد، لأننا أمام تجربة ديمقراطية حديثة، تحمل إرثاً كبيراً من الدكتاتورية في السابق، وأن التحول من النظام الدكتاتوري إلى نظام ديمقراطي يحتاج إلى وقت طويل وساسة حريصين ومخلصين، لديهم نكران الذات والشعور بالمسؤولية ليعملوا على إخراج البلد من الأزمات السياسية نحو شاطئ الأمان، والتفكير بتطوير البلد في المستقبل مشيرا إلى أن التجربة الديمقراطية ستنجح في النهاية ونحن متفائلون بذلك. مؤسسات أمنية خارقة للدستور من جانبه أكد النائب عن كتلة الأحرار بهاء الأعرجي «أن هناك أخطاء كبيرة وفاحشة من بعض مؤسسات الدولة بصورة عامة، ولكن برغم هذه الأخطاء سيكون العراق بحال جيدة». وقال «إن التقرير الذي نشرتهُ الصحيفة الواشنطن بوست جاء بسبب وجود مخالفات دستورية ومن هذه المخالفات إنشاء مؤسسات أمنية خارقة للدستور، ومناصب لقادة عسكريين من دون موافقة مجلس النواب، وبقاء الدفاع والداخلية من دون وزيرين إلى الآن». وأوضح الأعرجي «أن كل هذه المخالفات من مؤسسات الدولة ستترك آثارها السلبية، لأن القوة الحقيقية سوف تكون لمن لديه صلاحيات، وبالتالي من يمتلك هذه الصلاحيات هو رئاسة الوزراء».