بدت قرية الزور التاريخية في مهب النسيان منذ نصف قرن وأكثر، وفقا لما يؤكده أهالي القرية.. تلك القرية الصغيرة الواقعة في الطرف الشمالي لجزيرة تاروت التابعة لمحافظة القطيف، التي عمّرت قديماً من قبل مجموعة من الإماراتيين والعمانيين، كما يذكر المؤرخ علي الدرورة في كتابه (من تاريخ جزيرة تاروت). ما قبل الميلاد وذكر الدرورة أن القرية الساحلية كانت تعرف «بثنية» من الانثناءة الجغرافية التي تتخذها وهو رأس من الأرض ممتد داخل البحر، ويسمى زوراً، والأزوار في الخليج كثيرة، ويوجد غربي الزور نحو 33 تلة، تمثل مستوطنات هيلينية محترقة تعود إلى ما قبل الميلاد بقرن واحد، وقد وجد في هذه التلال هياكل عظمية آدمية محترقة، وقطع أوانٍ فخارية متكسرة، وقد سوّر هذا الموقع الأثري عام 1407ه، ويعرف ب»دوحة مبيريك» نسبة لخادم من رقيق آل بو فلاسة يدعى مبارك. وفيها ميناء قديم له أهميته بالنسبة لأهالي سنابس وتاروت، كما يشير المؤرخ عن البلدة، وقد وصل عدد السفن الشراعية التي كانت تزور الميناء ذات يوم إلى 300 سفينة لصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ، أما الآن فتضاءلت أهميته بسبب افتتاح ميناء دارين. وفي غرب الزور توجد تلال رمالها محترقة فيها قواقع بحرية بمختلف الأشكال وبعض الأحجام الترسبية وقطع أواني الفخار. الهجرة الجماعية وذكر المواطن السبعيني، علي آل بو فلاسة ل»الشرق» التي تجولت في البلدة وكانت شاهد عيان على المأساة التي يعانيها الأهالي، أن بلدة الزور تغيرت عن الأمس، بعد أن هجرها أغلب السكان إلى رأس تنورة بسبب عمل الكثير من أبناء القرية في شركات الغاز والبترول، فقد واجهتهم صعوبة المواصلات في التنقل من مقر سكنهم إلى جهة عملهم، إلى جانب عدم توفر الخدمات الحكومية العامة، وقال «لم يبق إلا أعداد ملحوظة من السكان معظمهم متقاعدون عن العمل، فقد تقلص عدد أهالي الزور بشكل كبير. ويؤكد بو فلاسة بأن الأهالي يلاحقون جهات حكومية متعددة منذ 25 عاماً مضت، من أجل تطوير بلدة الزور التي ظلت القرية الوحيدة من قرى محافظة القطيف التي لم تتطور منذ خمسين عاماً مثل بقية القرى في المحافظة، ولم تضف إليها الخدمات المهمة والأساسية حتى الآن، قائلاً: رفعنا خطابات لمصلحة المياه بشأن توفير عدادات مياه وصرف صحي للبلدة، بيد أنه لم يتم توصيل جميع الخطوط بالمنازل، كما تقدمنا بطلب إلى بلدية محافظة القطيف منذ خمس سنوات من أجل إنشاء حديقة لأطفال البلدة، فلا يتوفر لديهم موقع للترفيه أو لتمضية وقت الفراغ. العمالة الوافدة وأوضح المواطن أحمد الدولاب « 65 عاماً «، أن بعض سكان البلدة يعمل في صيد الأسماك وهم من أصحاب الدخل المحدود، ومعظم الأهالي يعيشون على راتب التقاعد، وقال: نقص الخدمات الحكومية العامة، مثل عدم وجود مدارس و مستوصف وغيرها، ساهمت في هجرة من تبقى من الأهالي إلى الخبروالدمام، نظراً لقرب مقر عملهم ووجود الخدمات هناك. وأضاف: الشوارع الرئيسة بحاجة إلى إعادة « سفلتة «، وتبديل الإنارة القديمة بأخرى جديدة وتنظيف الشاطئ، وتسوير ما تبقى من مقبرة القرية، بجانب إزالة المنازل الآيلة للسقوط والتي تشكل خطراً يهدد الأهالي، من عبث العابثين من جهة، ومن وقوعها من جهة أخرى، والبلدية تتهرب من إزالتها موكلة الأمر إلى أصحابها اللذين هجروها. ويصف الدولاب، حال البلدة بعد أن استوطنتها العمالة الوافدة، مقدراً عددها بنحو مائتي وافد وهي ضعف عدد المواطنين حالياً، تشاركهم السكن والعمل في البلدة، كما يقول، مضيفاً: كان عندي مركز لبيع المواد الغذائية، لكن عندما جاءت العمالة واستوطنت البلدة قاموا بفتح مركز لهم، فاضطررت لإغلاق المحل الذي أملكه. ويضيف: أهالي الخير من الدمام ودارين يتبرعون للأهالي بمبالغ مالية ومواد غذائية كل عام، كما تبرع أحد المؤمنين بإصلاح « جامع الحسن البصري « في القرية ليكون مهيئاً أكثر للصلاة. القرى المجاورة وطالب الشاب محمد العماني « 17 عاماً « البلدية بالاهتمام أكثر ببلدته أسوة ببقية القرى والأحياء المجاورة، وقال «أنهكنا الذهاب يومياً إلى البلدة المجاورة « سنابس « التي نتعلم في مدارسها، لا نريد أكثر من مساواتنا بالأحياء والقرى الأخرى في المحافظة في توفير الخدمات العامة والمتطلبات الضرورية للأهالي، وإنشاء حدائق وملاعب لأبناء وأطفال القرية، وكورنيش البلدة بحاجة إلى تهيئة وتطوير وإنشاء مقاعد وأماكن يجلس فيها الشباب والمتقاعدون. المشروعات التنموية من جهته، أكد مدير فرع المياه بمحافظة القطيف ناصر الخالدي، أن بلدة الزور تتوفر فيها شبكة للمياه وشبكة للصرف الصحي منذ فترة طويلة، وقال «المطلوب فقط من المواطنين عمل المخارج لمنازلهم بالنسبة للصرف الصحي، ومراجعة فرع المياه في القطيف لتنفيذ توصيل الخط من المنازل إلى الشبكة العمومية». وأضاف «بالنسبة للمياه فإننا عملنا على تركيب العدادات لجميع المنازل، ولا توجد أي مشكلة في ذلك، أما بالنسبة لمضخة المياه فإن المديرية حفرت بئرا في موقع أرض المحطة يتم تشغيلها في حال دعت الضرورة، فقد تم مؤخراً ربط البلدة بشبكة المياه المحلاة. من جهة أخرى، أوضح رئيس المجلس البلدي في محافظة القطيف عباس الشمّاسي أن لدى المجلس مبدأ التنمية المتوازنة بين كافة أحياء المحافظة، وقال «تم تشكيل لجنة لحصر الطلبات الخاصة بالمناطق في جميع المدن والقرى، وإدراجها ضمن المشروعات التنموية التي تنفذ ضمن خطة خمسية، والأولوية في تنفيذ هذه المشروعات للقرى التي افتقرت للخدمات التنموية»، وأضاف «تطوير كورنيش الزور من ضمن المشروعات المستقبلية المدرجة للبلدة، وقد جددت البلدية سور مقبرة البلدة مؤخراً». منازل عرضها أصحابها للبيع بعد أن هجروها (تصوير: علي العبندي)