في الأسابيع القليلة الماضية شاهدت صوراً في الصحافة لوزراء الزراعة والنقل والتعليم العالي، في جولات عمل، بلا بشت! معقولة؟ مسؤول سعودي في صورة من دون مشلح؟ لم أكد أصدق. أم إننا أمام «تحوُّل» إداري في ثقافة جعلت من هذا البشت رفيقاً لحركة المسؤول حتى لو خرج من مكتبه لسيارته؟ أفهم أن يلتزم المسؤول الكبير بلبس البشت في المناسبات الرسمية أو الاجتماعية ولكن أن يجرجر بشته في كل جولة عمل يقوم بها فتلك مسألة لم أفهمها. بل أكاد أشك أن بعض المسؤولين لا يفك بشته من فوق كتفه حتى وهو على الغداء مع عائلته. أو لعله ينام في مشلحه! ولهذا كانت دهشتي كبيرة لرؤية صور لمعالي الوزراء من دون مشالح. عرفت أستاذاً جامعياً عين مستشاراً في مؤسسة حكومية فصار نادراً أن تراه يمشي بلا بشت؛ مرة ملفوفاً على ذراعه وغالباً معلقاً على كتفه. قلت له يوماً ساخراً: لم يبق إلا أن تلبس البشت في قاعة المحاضرات. ورد معانداً: لو كان بيدي لفعلت! وذات يوم دعاني مسؤول كبير في جلسة عتب على بعض ما كتبت وعند مكتبه كان مدير مراسمه يركض وجلاً مستغرباً معاتباً: ما يصير يا دكتور: أين البشت؟ ثم فاجأني وقدأحضر ثلاثة مشالح كي أرتدي أنسبها مقاساً قبل الدخول على مديره. وغضب الرجل أنني رفضت «بشته» وكانت حجتي أن لقائي كان أبوياً ودياً وليس رسمياً فرد عليَّ: ولو يا دكتور، لا تخالف الأصول! وعلى الرغم من أنني أحب لبس البشت في المناسبات الاجتماعية المهمة فإنني أمقته في ميادين العمل وجولات الوزراء ولقاءاتهم بالناس. ولهذا فإن نصيحتي لمسؤولينا الكرام، من أصحاب السعادة والمعالي، ومن فوقهم أو دونهم، أن يقتربوا عملياً من الناس وأن يعلقوا بشوتهم في مكاتبهم قبل النزول للميدان للإشراف على مشروعات إداراتهم أو سماع هموم مواطنيهم!