بدا واضحاً في نهاية يوم أمس، أن حملة الاعتقالات والإحالات إلى أمن الدولة لم تؤد غرضها في إيقاف المسيرات المطالبة بالإصلاح، ولم تنجح كذلك أساليب الأمن العام والدرك في تفريق الاعتصامات بعنف خلال الأيام الماضية، حيث شهد أمس أوسع موجة مسيرات واعتصامات تشهدها البلاد منذ شهور، لتزيد الضغوط على الحكومة الأردنية والتي تلقت انتقادات حادة كذلك من منظمات حقوق الإنسان الدولية وعلى رأسها هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، واللتان أدانتا إحالة نشطاء الحراك الشعبي إلى أمن الدولة وتعذيب بعضهم في السجون مؤخراً. وفي عمان وللمرة الأولى شهدت العاصمة أربع مسيرات واعتصامات متزامنة، فيما كان من اللافت قيام أحد الأحزاب الوسطية بتنظيم مسيرة مطالبة بإسقاط الحكومة. ورئيس الحزب (الجبهة الأردنية الموحدة) هو وزير سابق ورئيس سابق للديوان الملكي الأردني، مما يؤشر على تعمق الأزمة رغم محاولات قمع الحراك الشعبي. كما تزامنت مسيرة الجبهة الموحدة مع مسيرة واعتصام نظمتهما الحركة الإسلامية في مكانين مختلفين في عمان، بينما نظمت لجان مستقلة مسيرة رابعة. أما في المحافظات فقد شهدت معظم المدن الأردنية الكبرى مسيرات واعتصامات طالبت بالإصلاح وبإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي والذين مضى على اعتقال بعضهم أكثر من شهر. ورغم أن أعداد المشاركين في تلك المسيرات والاعتصامات لم يكن كبيراً إلا أن الهتافات كسرت ما يعرف في الأردن بالخطوط الحمراء، وهي الهتافات عالية السقف والتي تطال النظام وكبار الشخصيات الأردنية. وللمرة الأولى تتكرر تلك الهتافات في معظم المسيرات، فيما يعتقد أنه رد من قبل لجان الحراك الشعبي على تهم إطالة اللسان التي وجهت إلى المعتقلين. إلى ذلك قالت مصادر رفيعة المستوى ل»الشرق» إن مستويات القرار في الأردن أصبحت في حيرة، حيث كانت قررت المضي في «الحل الأمني» في مواجهة الحراك الشعبي وهتافاته عالية السقف، ونفذت موجتي اعتقال طالت أولاهما ثمانية من نشطاء الطفيلة، وطالت الثانية 17 من نشطاء عمان وجرش ومناطق أخرى، فيما كانت تخطط لموجة اعتقالات ثالثة، ولكن يبدو أنها ستتوقف عنها في ضوء التصعيد الشعبي الذي شهدته البلاد أمس.