قال المحاضر في جامعة الملك فيصل في الأحساء، الدكتور محمد القطاونة، إن الكتب التي تحدثت عن مفهوم الفن الإسلامي قليلة، مرجعاً السبب في ذلك إلى الإغراق الذي أحدثه الفن الغربي الحديث والقديم، في الحقل التداولي المعرفي لمفهوم الفن، والسيطرة عليه، وقلة الباحثين الإسلاميين القادرين على إبراز هذا المفهوم بخصوصيته، إلى جانب القصور والتراجع في الإنتاج الحضاري للأمة الإسلامية، بشكل عام، في الواقع المعاصر. وأوضح القطاونة، خلال محاضرة ألقاها في «أحمدية آل مبارك» في الهفوف، مساء أمس الأول، من خلال بحثه «التناغم بين الفن وروح الإسلام في الفكر الإسلامي»، أنه ليس من السهل إيجاد أو صياغة تعريف جامع مانع لمفهوم «الفن الإسلامي»، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى تعريف الفن ذاته بشكل عام، وعدم الاتفاق على مضمون هذه الكلمة، أو تحديد مهمة الفن وغاياته وبواعثه، إلا أنه يمكن تعريف الفن الإسلامي من خلال ما يميزه بتصوره في الفكر الإسلامي، ومن خلال المميزات يمكن القول إن الفن الإسلامي فن ينسجم مع الفطرة الإنسانية، فلا يجرحها، ولا يؤرقها، ولا يقلقها، بل يحتويها وينساب معها، لأن مصدر الفن والروح الإنسانية واحد، ويقوم على أساس عقدي منبثق عن عقيدة التوحيد، وبذلك يكون الفن الإسلامي بعيداً عن التعددية والوثنية والخرافات والأوهام والأساطير. وقال إن ميدان الفن الإسلامي هو مجال «التحسينات»، ويأتي بعد الضروريات والحاجيات، وهو ما يقرره واقع الحياة من خلال فطرة الإنسان. وحول علاقة الفن بالجمال، قال القطاونة: إن الجمال أوسع من الفن، وليس الفن إلا أداة يعبر بها عن الجمال، الذي تدركه النفوس عن طريق الحواس، مشيراً إلى أن من الخطأ الاعتقاد بأن للجمال مقاييس حسية فقط، عبر النظر والسمع، فالجمال مادة وروح، وإحساس وشعور، وعقل ووجدان، مضيفاً أن الجمال ليس قيمة سلبية، لمجرد الزينة، كما أنه ليس تشكلاً ماديّاً فحسب، ولكنه حقيقة مركبة في مداخلها وعناصرها وتأثيراتها المادية والروحية، وموجاته الظاهرة والخفية، وفي انعكاساته على الكائن الحي.