يقوم المفهوم الإسلامي للفن على استحالة التناقض مع الفطرة، فإذا كانت الفنون من روح الفطرة وجب ألا تخالف أو تناقض دين الفطرة دين الإسلام في شيء، وإذا خالفت الفنون الدين ودعت صراحة أو ضمنا إلى رذيلة مما جاء الدين لمحاربتها وأعاقت الإنسان عن العمل بالفضائل التي جاء الدين لإيجابها عن الإنسان حتى يبلغ الرقي في النفس والروح إذا خالفت الفنون الدين في شيء من ذلك فقد أخطأت الفطرة التي فطر الله الناس عليها. مفهوم الفن في الإسلام يقوم على أساس أنه عنصر من عناصر الفكر، يتكامل مع الأدب والاجتماع والأخلاق والدين والحضارة، وهو في الإسلام له طابعه الأصيل الواضح المباين لمفهوم الفن في الثقافات والحضارات الأخرى، وقوامه الأخلاق وطابعه التوحيد، يتسامى فوق الغرائز ويرقى بالنفس دون البعد عن الواقع، فالفن في نظر الإسلامي أداة تجميل الحياة، ووسيلة الإسعاد الروحي والنفسي، بتحرير الإنسان من عالم الأهواء والغرائز وإطلاقه في نظرة حرة إلى الكون والوجود، يعرف فيها قدرة الله وعظمته ويزداد بها إيمانا. وقد كان الفن اليوناني بطابعه المادي والوثني يجعل الأولوية للتماثيل المجسمة إعجابا بالأجساد وعبادة لصور الجمال ومظاهر القوة، ولكن الفن الإسلامي يجعل البيان والشعر والأدب والعمارة والأرابيسك في مقدمة الفنون، يستمد منها مقوماته الأساسية، فبالفكرة الموحية في هذه الفنون ينتقل الفن الإسلامي من عالم المادة إلى عالم الفكر والروح، فالتأمل هو أوسع عوالم الفن، وبذلك دفع الإسلام الفن البشري للأمام انتقالا من مفهوم الماديات إلى مفهوم المعنويات، وحرر البشرية من مفهوم المادية الخالصة التي تقدس الجسد والشهوات والغرائز والوثنيات وتقيم لها المهرجانات والاحتفالات والطقوس، ودفع بها إلى الانتقال من تجسيد البطولة في صورة مادية إلى تكريم عمل الإنسان نفسه. فالفن الإسلامي كما يقول محمد قطب يعني عناية خاصة بحقيقة الشمول والتكامل في النفس البشرية، فلا يجب مثلا أن يعرض الجانب المادي من الإنسان وحده بمعزل عن الجانب الروحي.. وهو يهيئ اللقاء الكامل بين الجمال والحق، فالجمال حقيقة في هذا الكون، والحق هو ذروة الجمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها كل حقائق الوجود.