بات العميد اللبناني المتقاعد فايز كرم حراً طليقاً منذ الساعة الواحدة من ظهر أمس الأول، ها هو يخرج إلى الحرية، يُطل من بين البذات العسكرية المرقطة رافعاً يده، يقذف ببضع كلمات في الهواء تؤكد على براءته، يتناسى أنه أُدين بالعمالة، لكن الظرف السياسي ساعده، فاقتصرت العقوبة على السجن لمدة سنتين. ظهر أمس الأول، أُطلِق سراح كرم (مواليد 1948) من سجن الشرطة العسكرية في الريحانية، في محيط وزارة الدفاع الوطني، لم يتحدث كثيراً، اكتفى بالقول إن «التوقيف كان سياسياً»، وأشار إلى أنه متوجه إلى الرابية حيث سيلتقي رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون. تناسى كرم أن الحكومة التي أدين في عهدها يشغلها حلفاؤه من حزب الله وحركة أمل، وتناسى أيضاً، أن حزب الله لم ينطق ببنت شفة كأنما في فمه ماء، علماً أن الأخير توعّد بتعليق المشانق للعملاء، قبل أن يتبين أن هناك استثناء للحلفاء. خرج «كرم» من سجنه قاصداً جنراله في الرابية، هناك كان الاستقبال جافّاً، رفض عون دخول وسائل الإعلام، استمر اللقاء لبعض الوقت، خرج بعده عون ليعقد مؤتمراً صحفياً، تطرّق فيه إلى كل صغيرة وكبيرة في البلد، لكنه لم يأت على ذكر زيارة العميد كرم، لولا سؤال إحدى الصحفيات عنه، هنا علّق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون قائلاً «خرج من السجن بعد أن نفذ عقوبته ومر إلى هنا وقلنا له الحمدلله على السلامة». ووفق رؤية معارضي «كرم» فإن «عون» بحديثه هذا أكد تورط العميد، فالمدان يُنفّذ العقوبة، وإلا لكان قال إن أسره قد انكسر بعدما قضى ظلماً سنتين. أوعز «عون» إلى وسيلة الإعلام التابعة له بعدم توفير تغطية مباشرة لخروج العميد الذي غادر بهدوء قاصداً مسقط رأسه زغرتا، أثناء الطريق عرّج إلى منزله، لم يُحدث جلبة، لكنه صرّح أمام الصحفيين قائلاً «اللقاء كان عائلياً»، مشيراً إلى أن الزيارة كانت لتأكيد التزامه بمرجعيته السياسية، ومشددا على التزامه بخط التيار «الوطني الحر» السياسي، مؤكداً أنه «لا أحد يستطيع أن يسرق ماضيّ الوطني». وصل العميد زغرتا، بلدته لم تبخل بالترحيب بعودة ابنها لأن «ما بني على باطل فهو باطل» ولأنه «بئس زمن يُحاكَم فيه أبناء مؤسسة الشرف والوفاء، ويُكافَأ من يسعى إلى ضربها وتفتيتها بالسر والعلن»، بحسب لافتتين رفعتا في شارع زغرتا الرئيسي، لا يحملان توقيعاً سياسياً تماما كلافتة ثالثة في مدخل زغرتا هللت بعودة العميد «جبينك عالي ما بينطال.. بالعالي رفاع جبينك.. بيتك مقلع للأبطال، نحنا اللي منعرف مينك». أما سياسياً، فكان سقف المواقف على مستوى أحد مخاتير زغرتا جوزيف فنيانوس الذي رفع لافتة «لم تجر الرياح كما يشتهون، لأنك تخرج اليوم لتمزق شراع تكاذبهم». إلى ذلك، تحدثت الوكالة الوطنية للإعلام عن «استقبال شعبي عند مستديرة الاتحاد لجهة الكورة شارك فيه مناصرو التيار الوطني الحر في زغرتا حيث أطلقت الأسهم النارية ونثر الأرز وقرعت الطبول». في مقابل الاحتفالات التي عمّت ابتهاجاً بخروج «كرم» من السجن، اعتصم عشرات الشبان احتجاجاً على «إطلاق العميد العميل فايز كرم من قبل المحكمة العسكرية اللبنانية المشاركة في تغطية العميل بتحريض من قبل القوى السياسية الراعية»، كما قالت الدعوة التي وجهوها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، هناك رفع الموجودون لافتات سخروا فيها من القضاء العسكري واتهموه بالتهاون في الحكم الذي أصدره ضد كرم، كما صبّوا غضبهم على الغطاء السياسي الذي حمى ظهر «العميل»، فبالنسبة إليهم «العميل عميل، ولا يوجد عميل بسمنة وعميل بزيت». تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العسكرية الدائمة منحت «كرم» أوسع الأسباب التخفيفية، حكمته بالعقوبة الدنيا، وبذريعة وضعه الصحي، خفضت محكوميته، ويرى المعارضون لخروجه أن المحكمة تجاهلت كون العميل كرم ضابطاً سابقا.