تحدثت مصادر سودانية مطلعة عن قيام دولة الجنوب بحشد قوات الجيش الشعبي على تخوم ولاية النيل الأزرق على الحدود بين دولتي الشمال والجنوب. في الوقت ذاته، اتفق وفدا دولتي السودان في مفاوضات أديس أبابا على ست نقاط منها الوقف الفوري لإطلاق النار، وتأمين الحدود ومناطق البترول، وعدم التصعيد الإعلامي وتشكيل آلية من الاتحاد الإفريقي لمراقبة نشوب أي توترات بين الجانبين. وتبقت بعض النقاط الخلافية يتم التباحث حولها من خلال استمرار المفاوضات بين الجانبين على مستوى اللجنة السياسية، وتتركز المفاوضات حول الأسباب التي أدت للتصعيد العسكري الذي وقع مؤخراً على الحدود المشتركة. في السياق نفسه، قال مصدر مطلع إن اجتماعاً مشتركاً سيُعقَد خلال الساعات المقبلة وسيضم الآلية الإفريقية (الوسطاء) والجانبين، وأضاف أن سياجاً من السرية ضُرِبَ على اجتماعات كبير الوسطاء؛ ثامبو أمبيكي، بوفدي الخرطوموجوبا، كلاً على حدة. وأوضح المصدر أن الجانبين أكدا على توفر الإرادة السياسية لتجاوز أزمة التصعيد العسكري وعزمهما التوقيع على الاتفاق الأمني خلال هذه الجولة من المحادثات، ومن ثم الانتقال للقضايا العالقة بين البلدين خلال الجولة القادمة. إلا أن المراقبين للشأن السوداني شككوا في نوايا جوبا العدوانية تجاه الخرطوم، وعدوا أن جوبا تحركها مرارات تاريخية تجاه السودان دون أدنى اعتبارٍ لمصالحها الآنية مع جارتها الشمالية، وأرجع بعض المراقبين صعوبة التكهن بمآلات الأوضاع على صعيد العلاقات بين البلدين إلى تخبط القرار في جوبا باعتبار أن مركز قرار الدولة الوليدة في أكثر من يد وأن صراع السلطة بين مراكز القوى الحاكمة جنوباً يتسبب في غموض سياساتها الخارجية، بجانب أن الصراع المسلح مع الخرطوم يحقق لدولة الجنوب هدفا إستراتيجيا آخر يتمثل في توحيد الجبهة الداخلية التي غلبت عليها الصراعات القبلية من جهة والصراع حول السلطة بين قيادات الحزب الحاكم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) من جهة أخرى. الخرطوم تمتدح نصائح واشنطنلجوبا إلى ذلك، أفرد المجتمع الدولي اهتماما خاصا بالصراع المسلح الدائر بين دولتي السودان وجنوبه، وحث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الخرطوموجوبا على التهدئة، فيما نصح الرئيس الأمريكي باراك أوباما دولة الجنوب بالعمل من أجل التوصل لحلول معقولة للقضايا العالقة مع السودان، الأمر الذي وجد استحسانا من الحكومة السودانية وحزبها الحاكم، المؤتمر الوطني، الذي أعلن على لسان نائب رئيسه للشؤون التنظيمية، الدكتور نافع على نافع، ترحيبه بالنصائح التى تقدمت بها الإدارة الأمريكية لحكومة الجنوب. ورأى “نافع” أن ما تم يمثل فى المقام الأول خطوة لمصلحة الجنوب تحثه على أن يعمل على الاهتمام بأمره ودفعه من أجل التفاوض بجدية مع السودان نحو الوصول إلى حلول، وأضاف “من هذا الباب نحن نرحب بهذا الدور الأمريكى فى أن ينصح ويعمل مع حكومة الجنوب لتناقش قضاياها مع الشمال بواقعية وليس بأحلام التغيير للنظام في الخرطوم”.من جهتها، دعت هيئة الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية وفدي السودان ودولة الجنوب المتفاوض في أديس أبابا إلى إسراع وتيرة الحوار والتصميم علي إنهاء الخلاف للوصول إلى حلول ناجعة للقضايا محل الاختلاف عبر آليات الحوار. وطالب رئيس الهيئة، عبود جابر، حكومتي البلدين بالاستعانة بكوادر وطنية فاعلة لمساعدة آليات التفاوض لجهة تسريع الحلول، لافتاً إلى أهمية لقاء البشير وسلفا كير لإنهاء حالة التوتر. ودعا “جابر” الحركات المسلحة إلى ترك السلاح والجلوس للتفاوض تمهيدا للتفاعل الإيجابي السلمي، في وقت أكد فيه وقوف الهيئة ودعمها للجيش السوداني لحماية حدود السودان. حشود جنوبية في ولاية الوحدة في سياق متصل، كشفت السلطات المختصة عن حشود كبيرة لقوات الحركة الشعبية والجبهة الثورية في مناطق “فارينق” و”العريشة” و”أم ضهيب” في ولاية الوحدة، فيما عبرت قوات الحركة البر الغربي لمنطقة ملكال في طريقها إلى تونجة.وعدت مصادر مطلعة أن الهدف الأساسي من الهجمات المتواصلة على ولاية جنوب كردفان هو تقوية الموقف التفاوضي لوفد الجنوببأديس أبابا، وأوضحت أن حكومة الجنوب تقوم بالدعم اللوجستي والعسكري المتواصل للاستيلاء على بعض المناطق مستفيدةً من الحملة الإعلامية الموجهة ضد السودان. وأشارت إلى اتفاقٍ بين حكومة جوبا والجبهة الثورية لاحتلال بعض المناطق بهدف اتخاذها مواقعَ لحركات دارفور حتى تتمكن الإدارة الجنوبية من نفي وجود حركات مسلحة في أراضيها بعد إبرام اتفاقيات أديس أبابا مع حكومة الخرطوم.