لو أن رجلا عاميا قال أن الرسول الكريم كان قبل تبليغه الرسالة يهدي الخمر ويبيعه، لأقام المجتمع عليه الدنيا ولم يقعدها، لكن حين قالها رجل دين، دون قصد أو تقصد، مرت مرور الكرام، ولم ينكر عليه أحد، باستثناء نزر قليل. لسنا معصومين عن الخطأ والمجتهد المخطئ له أجر اجتهاده، لكن الكيل بمكيالين وتنزيه رجال الدين وتجليلهم، لدرجة عدم إنكار أخطائهم، هو ما يثير في النفس الريبة، ويصل بنا إلى مرحلة الشك بأن رجل الدين في مجتمعنا بات قاب قوسين من مصاف الأنبياء. لن أقارن بين خطأ الشيخ محمد العريفي وخطأ غيره كشغري مثلا، كما يفعل البعض، فتلك مقارنة ظالمة ومشينة، وشتان ما بين أن يخطئ الإنسان بجهل وصفاقة، ومن يخطئ في سياق التعليم والدعوة، لكن المشكلة في التعاطي مع الخطأ بغض النظر عن صاحبه. كان العريفي شجاعا بالقدر الكافي ليعلن اعتذاره عن خطئه، لكن هذه الواقعة تقودنا إلى مساحة للتفكير في ضرورة خلع القداسة عن رجال الدين، بشكل يوقف إيهام العامة بأنهم معصومون، وبالتالي التوقف عن القدح في مخالفيهم ومنتقديهم وتعليق المشانق لهم. وفي تقديس رجل الدين خطر كبير على المجتمعات الإسلامية كما كان خطرا على مجتمعات أوروبا في القرون الوسطى، فذلك قد يعني لدى العامة والبسطاء أنه – أي رجل الدين- يتحدث باسم الله وتقديسه من تقديس الله، وهذا أمر جلل وواقع. إعمال العقل في التعاطي مع أمور الدين أمر مشروع، فالدين نفسه دعا إلى التفكر والتدبر، لا الانسياق والتقليد، وقال ابن حنبل «لا تقلد دينك الرجال فإنهم لا يسلموا أن يغلطوا». والمراقب للحراك الفكري أخيرا، سيجزم أن العريفي بشجاعته المعهودة، سيكون أول المنكرين، لو أن أحدهم وقع في ذات الخطأ الذي وقع هو فيه.