ابنتي من دار الأيتام سألتني البارحة ونحن تناول القهوة في أحد مقاهي جدة عن مفهومي للحرية؟ قلت: الحرية التزام بالحقوق والواجبات. قيد يا بنيتي علينا احترامه حتى لا نفقد حريتنا بعشوائية الفكرة. سألتها: وأنت ماذا تعني لك الحرية؟ قالت: أشعر أني لست حرة . روحي تئن كل لحظة من انعدام خصوصيتي، وحرماني من المساحة اللازمة لرسم مستقبلي بدراسة ما اريد، والعمل لتأمين مستقبلي. حريتي مقيدة في فشلي في الاستقلالية والإحساس بذاتي. أنا أنفذ ما يمليه علي الغير لأرضيهم رغم أنه يعطل نموي الروحي والوجداني، وبدل أن أوظف طاقاتي وإمكانياتي الذهنية والعاطفية لبلورة شخصيتي، فقد هدرتها في كبت مشاعر الغضب.أحس أني تابعة أبدية. حريتي استمتع بها فقط في خيالي. قلت: إن تعريف الحرية عند الفلاسفة التغلب على الضرورة، فالأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب يعيش في ضرورة ناشئة عن صعوبة كسب الرزق الكافي له ولأسرته ليس حرا. وصاحب الإعاقة الذي لايستطيع التغلب على ضرورة تأمين احتياجاته كفرد فعال في مجتمعه حافظا لكرامته ليس حرا، والإنسان الذي ليس له أصدقاء ولا يستطيع التغلب على ضرورة وجود من يتقبله والذي يعاني الشعور بالغربة في بلده ليس حرا. والمراة التي طلقها زوجها بلاذنب في غمضة عين بعد أن تمتع بها والتي ينزف قلبها في صدرها من ضرورة إشباع الحب والأمان لها ولأطفالها ليست حرة. المعلم الذي فشل في أن يكون قدوة بقوة حجته في العلم، والذي يحقرمن طلبته ويتعالى بكبرياء لضرورة فرض شخصيته واحترامه ليس حرا. يابنيتي إن انهيار الأمان والمثل والمبادئ تؤدي إلى انهيار الود والحب والاحترام وتؤدي إلى انهيارالقلب والروح والجسد وفي النهاية تهدر كرامة الإنسان وحريته. * نزار قباني: كانَ هُنالِكَ. ألفُ امرأَةٍ في تاريخي. إلا أنّي لم أَتزوَّجْ بين نساءِ العَالمِ إلا الحُرِيَّهْ