حذر الجيش السوداني جوبا من مغبّة الدخول في حرب شاملة بين البلدين، ويأتي ذلك بعد أيام من رد الخرطوم اعتداء الجيش الشعبي الجنوبي على منطقة هجليج النفطية السودانية المجاورة للحدود مع الجنوب. و كشف الجيش السوداني عن رصده لحشود عسكرية لقوات الجيش الشعبي والحركات المتمردة الأخرى جنوب هجليج بغرض الهجوم على المنطقة مرة أخرى، كما أكد أن جيش جوبا قصف مدينة تلودي في جنوب كردفان داخل الحدود السودانية مساء أمس. وقال بيانٌ صدر عن القوات المسلحة السودانية إنها تصدت أمس لمن سمّتهم فلول المتمردين المدعومين بالدبابات والمدفعيات من دولة جنوب السودان، واستمرت المعارك منذ الساعة السابعة صباحاً وحتى السادسة مساءً، وبحسب البيان تمكن الجيش السوداني من صد المتمردين وتكبيدهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات واستولى على دبابتين (تي 55) وأعداد كبيرة من الأسلحة الصغيرة والرشاشات. وأشار البيان أيضاً إلى هروب المتمردين تمهيداً للقيام بتجميع قواتهم في مواقع أخرى بدعم من قيادة الجيش الشعبي لمواصلة هجماتهم على مدينة تلودي. في سياقٍ متصل، أثار الهجوم الأخير لجيش دولة الجنوب ردة فعل قوية داخل صفوف القوى السياسية المعارضة في الشمال، وأدان حزب الأمة برئاسة رئيس الوزراء السابق، الصادق المهدي، المعارك التي اندلعت في هجليج، ورأى أن الدولتين بحاجة للسلام لكي تواجه الدولة الجنوبية الوليدة أعباء التكوين، وحتى يواجه السودان آثار الانفصال. وقال حزب الأمة، في بيانٍ له بعد الهجمات، إن الاتهامات المتبادلة بين الشمال والجنوب حول من بدأ الهجوم، أمرٌ خطير قد يشعل شرارة الحرب الشاملة ما لم تتحلَّ القيادة في البلدين بالحكمة وإعلاء المصلحة الوطنية لشعبيهما اللذين هما في أمسّ الحاجة للسلام والتنمية. ووصف “الأمة” الاتهامات المتبادلة بأنها لعب بالنار وتعريض لبقاء السودانيين لخطرٍ غير مسبوق، وأبدى الحزب تقديره لصد الجيش للهجوم على هجليج، وناشد الحكومة السودانية اتخاذ موقف دفاعي وتجنب أية مبادرات هجومية، كما ناشد حكومة جوبا بالسير في مسلكٍ مماثل. وأعلن الحزب سعيه بكل القدرات لإنقاذ عملية السلام “من الحماقات السياسية قصيرة النظر”، بحسب بيانه، كما أعلن عن تعبئة شعبية ودولية من أجل عزل دعاة الحرب في الدولتين. من جهتها، وصفت الحكومة السودانية هجوم الجنوب على منطقة هجليج بالهدايا السياسية الثمينة التي قدمتها الدولة الوليدة للخرطوم لتوحيد الجبهة الداخلية، وإضعاف الأصوات المعارضة ورفع وتعميق الولاء للدولة وتكاتف الجميع لدرء المخاطر المحيطة بها. ودعت وزيرة الدولة في وزارة الإعلام السودانية سناء حمد العوض شركاء دولة الجنوب إلى دفعها للتعقل في سياساتها الخارجية، لا سيما مع دولة الشمال مع الالتزام بالتعهدات الخاصة بمعالجة الملف الأمني. واتهمت الوزيرة، في حديثٍ بثته الإذاعة السودانية، جهاتٍ لم تسمها بدعم حالة عدم الاستقرار الداخلي، لكنها أبدت ثقتها من قدرة السودان على مواجهتها، وأعربت سناء عن أملها في أن تفي حكومة الجنوب بالتزاماتها تجاه التعهدات الخاصة بمعالجة الملف الأمني وأن تسحب قواتها عشرة كيلومترات من الحدود، ورفضت اتهام الخرطوم بخلق حالة عدم استقرار في الجنوب لإسقاط النظام القائم في جوبا. الخرطوم | فتحي العرضي