مغرم بالورد، أعشقه، أتأمله، أشعر أني أهامسه كلما رنت عيني إليه، أعرف جميع أنواعه، مذ كنت صغيرا كنت أقتص صوره من صفحات الكتب والإعلانات وألصقه بجدران غرفتي، وعندما امتلكت منزلا كان أول همي أن أنشئ حديقة أجمع فيها شتى أنواع الورود وبمختلف الألوان، اعتنيت بحديقتي كثيرا، جمعت بها أنواعا شتى من الجوري والقرنفل والياسمين والفل، وتقديرا للورد، ذهبت لأرقى محلات الخزفيات والتحف لأختار مزهرية تليق بفاتنات الزهر، وقع اختياري على واحدة من أجمل ما رأيت من الفازات، مصنوعة من الكرستال الملون، ذات تموج للألوان من الليلكي الداكن في الأعلى إلى الشفقي المضيء بالوسط المتداخل بالنيلي حتى أسفل الفازة في امتزاج ألوان هادئة تحكي قصة غروب شمس على شاطئ جميل في جزيرة أحلام موشاة بالورود وموعودة بليل يجمع عاشقين منذ زمن لم يلتقيا، احتضنت الفازة المذهلة، ذهبت مسرعا إلى البائع، قلت له كمن يجد ضالته: أريد هذه، لم أشأ أن أسأله عن الثمن!، اشتريتها بمبلغ باهظ، عدت بها إلى منزلي، وضعتها بغرفة الجلوس التي أدعو إليها أصدقائي عادة كل نهاية أسبوع، جمعت بها من حديقتي أروع الورود وأينعها، بذلت جهدا كبيرا في تنسيقه وتنسيق ألوانه، انبهر كل أصدقائي باختياري، كانوا يحدقون كثيرا في المزهرية ويسألون من أين اقتنيتها؟، وعن ثمنها؟، كان بعضهم يقترب ويداعبها بيديه ويتحسس ذلك النقش البديع على جوانبها، ذهلوا كثيرا من تغير الألوان للمزهرية لدى النظر إليها من زوايا مختلفة، دهشوا من تشكل ألوان جديدة حسب كمية الضوء الساقط على المكان، كان المشهد يشبه فتاة شغل الناس عنها بفستانها الموشى بالذهب وبأساورها وعقدها الألماس. أفقت من غمرة إعجابي بروعة اختياري في وسط عاصفة من صخب المديح باقتراح أحدهم قائلا: ستبدوا هذه الفازة أكثر روعة وبهاء لو أنها فرغت تماما من هذه الورود!