الدمام – حسن السلطان أسلوبه الخاطئ تسبب في تراجع غلطة سراي من الأول للمركز الثالث تناقضاته أضاعت على الأخضر فرصة التأهل للدور الآسيوي الحاسم أعاد برشلونة للواجهة لكنه أخفق في المحافظة على إنجازاته أبرز عيوبه * ضعيف الشخصية ولا يجيد قراءة المباريات * يعتمد على اللاعب الجاهز ويفشل في شوط المدربين * يهز ثقة اللاعبين ويخشى المنافسين لا تزال تداعيات الخروج المر من سباق التأهل لنهائيات كأس العالم 2014م في البرازيل تسيطر على المشهد الرياضي السعودي، وما بين نكسة الأخضر وتأكيدات المسؤولين باستمرار المدرب الهولندي على رأس الإدارة الفنية للمنتخب حتى نهاية عقده في 2014م، يتساءل الكثيرون عن جدوى استمرار هذا المدرب؟ يتفق المتابعون على أن ريكارد يصنف ضمن مدربي النخبة على مستوى العالم، وسجله الحافل كلاعب ومدرب يؤهله لقيادة المنتخب السعودي، ولكن بعض النقاد والمحللين يختلفون مع هذه الآراء مستشهدين بأخطاء المدرب سواء مع الأندية التي أشرف على تدريبها مثل برشلونة الإسباني وغلطة سراي التركي أو من خلال مشواره مع المنتخب السعودي في الدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال. تخبطات فنية جاءت بداية ريكارد التدريبية مع فريق برشلونة الإسباني موفقة إلى حد كبير، حيث حقق الدوري الإسباني مرتين وكأس الأبطال الأوربي وهو اللقب الذي كان غائبا عن سجلات النادي الكاتلوني منذ عام 1992م، إلا أن هذه الإنجازات التي حققها مع برشلونة خلال خمسة مواسم لم تشفع له بالاستمرار مع الفريق بعد تفريطه في الدوري عام 2007 لصالح ريال مدريد بعد أن كان في متناول اليد عقب تقدم فريقه بفارق يتجاوز العشر نقاط، قبل أن يتراجع مستوى الفريق ويخفق في العام 2008م. وخاض المدرب الهولندي تجربة جديدة في الدوري التركي وتحديدا مع نادي غلطة سراي عقب إقالته من تدريب برشلونة، وكان الفريق التركي يسعى إلى تحقيق إنجازات كبيرة تحت قيادته بعد أن حقق إنجازا غير مسبوق في بلاده بإحراز كأس الاتحاد الأوروبي عام 2000م، ولكن ريكارد الذي قاد الفريق بعد أن كان بطل الدوري التركي أنهى عامه الأول في المركز الثالث ثم نتائج مخيبة في العام الثاني جعلت الفريق يقبع في المركز الثامن مما عرضه للإقالة مبكراً قبل نهاية الموسم. أخطاء قاتلة وبالعودة إلى مشوار ريكارد مع برشلونة، نجد أنه ارتكب أخطاء قاتلة تسببت في تراجع الفريق الكتالوني وغيابه عن منصات التتويج، إذ أسهمت عدم ثقة المدرب في حارس المرمى فالديز واستعانته في بعض المباريات بالحارس التركي روشتو في عدم استقرار هذا المركز الحساس، والمفارقة أن فالديز الذي لا يحظى بثقة مطلقة من ريكارد أصبح بعد إقالته واحدا من أفضل حراس المرمى في إسبانيا. ونفس الأمر ينطبق على خط دفاع برشلونة الذي كان يعاني أيضا من عدم الاستقرار وصلت إلى درجة الاعتماد فقط على كارليس بويول الذي كان يتحمل وحده جهد خط كامل، ويظهر فشل المدرب في عدم قدرته على تقوية خط دفاعه في التغييرات المستمرة وعدد اللاعبين الكبير الذين لعبوا في الخط الخلفي وهم: أوليغير، أدميلسون، بيلتي، سليفنهو، جيوفاني فان برونكهورست، ماركيز، ميليتو، زامبروتا، تورام، ابيدال، كما دفع الفريق الكتالوني الثمن غاليا في العديد من المباريات بسبب ضعف المحور الدفاعي والتغييرات المستمرة في هذا المركز الذي تناوب على اللعب فيه كل من موتا، أدميلسون، فان بومل، يايا توريه وماركيز، وكان من ضمن الأسماء التي تلعب في مركز المحور الدفاعي تشافي الذي يعد الآن واحدا من أفضل صناع اللعب في تاريخ كرة القدم والسبب يعود إلى جوارديولا الذي اكتشف قدرة تشافي في صناعة الأهداف، لذلك أسند مهمة المحور الدفاعي إلى توريه في البداية ومع اكتشافه أن توريه يتقدم بكثرة ويترك فجوة، وهو أمر لا يناسب خطة برشلونة التي تعتمد على ارتكاز واحد قام بالاعتماد على بوسكيتس الذي يجيد قراءة المباراة تكتيكياً بامتياز ولذلك أصبح واحدا من أفضل لاعبي الارتكاز في العالم حالياً. تقليص الأدوار وتواصلت أخطاء ريكارد في برشلونة، حيث اتضحت من طريقة لعبه اعتماده على لاعب واحد فقط هو الذي يصنع الفارق بوجوده وهو رونالدينهو الذي كان يلعب على الجهة اليسرى دائماً في حين غيب أدوار لاعبين مؤثرين مثل ديكو وميسي إذا حضر وتشافي، ولذلك بمجرد أن يغيب رونالدينهو عن مباراة يصبح الأداء ضعيفا ويتغير رتم برشلونة تماماً وتغيب المتعة والقوة ويلاحظ العجز الكبير في أداء الفريق، في حين أن المدرب الحالي جوارديولا منذ أن تسلم برشلونة عرف كيف يصنع فريقا متجانسا لا يتأثر بغياب أي لاعب بشكل كبير وذلك بسبب طريقة «تيك تاك» التي أصبحت ماركة برشلونية وحتى مع الاعتماد الكبيرعلى قدرات ميسي الخارقة، إلا أن الفريق أثبت في أكثر من مباراة أنه قادر على الانتصار بدون وجوده. وكشف أسلوب قيادته لبرشلونة ضعف شخصيته وعدم سيطرته على النجوم ما أدى إلى عدم استقرار في غرفة الملابس، كون أن بعض النجوم الكبار مثل رونالدينهو وإيتو وديكو كان لهم كاريزما خاصة لا يستطيع المدرب التعامل معهم بحزم، لاسيما أنهم يمثلون مصدر خطورة الفريق، وهو أمر تنبه له جوارديولا تماماً ليكون أول القرارات التخلي عن رونالدينهو وديكو وحاول التخلص من إيتو ونجح في ذلك في العام التالي، كما فشل ريكارد في الاستفادة من أكاديمية «لاماسيا» في اكتشاف الجواهر الثمينة، فخلال خمسة مواسم لم يكتشف إلا ثلاثة لاعبين في خانة المقدمة وأشهرهم اللاعب ميسي بالإضافة إلى جوفاني دي سانتوس وبوجان، في حين أن المدرب جوارديولا في وقت أقل من ريكارد اكتشف مجموعة من اللاعبين الموهوبين مثل: بوسكيتس، بيدرو، جونثان دي سانتوس، كوينكا، تيلو، تياغو، فنتاس، نوليتو، جيفرين، بارترا، سيرجو ربرتو، منتويا ومونيسيا. ومن أبرز أخطاء ريكارد في برشلونة عدم تنوع خططه التكتيكية ما جعل المنافسين يعقدون الأمور على الفريق في أكثر من مباراة، إضافة إلى عدم قدرته على حل مشكلة إصابات اللاعبين، وقلة عدد اللاعبين الذين يسجلون الأهداف مقارنة ببرشلونة في عهد مدربه الحالي جوارديولا. قاصمة الظهر وفي الوقت الذي كانت فيه الآمال الكبيرة على ريكارد لقيادة المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم للمرة الخامسة في تاريخه، تلقت جماهير الكرة السعودية صدمة كبيرة والأخضر يودع التصفيات مبكراً بأخطاء قاتلة لهذا المدرب، وتحديدا في مباراة أستراليا الحاسمة التي أخفق في قراءتها باختياره لقائمة خلت من العمق الدفاعي بوجود ثلاثة لاعبين ارتكاز وهم أسامة هوساوي وأحمد عيد وسياق البيشي والأخيران لم يسبق لهما المشاركة في مباراة رسمية مع المنتخب، كما أنه اختار خمسة لاعبين في مراكز الأظهرة، بالإضافة إلى اختيار لاعبي وسط من أصحاب البنية الضعيفة باستثناء المحور الدفاعي سعود كريري. وزاد الأوضاع سوءا بتغييره خطة اللعب إلى خطة جديدة لم يسبق للمنتخب أن لعب بها في التصفيات وهي خطة 4/1/4/1 ومثل هذه الخطط لاتحتاج إلى تقدم دائم للظهير الأيمن الذي ترك تقدمه فجوة على الجهة اليمنى وفجوة في وسط الملعب لوجود محور ارتكاز واحد لم يتعود على اللعب وحيداً في هذا المركز مما أدى إلى إرهاق اللاعبين، كما وضح تماما أنه يتخوف من المنافسين بدليل أسلوبه الدفاعي في مبارياته أمام عمان وتايلاند. ومن عيوب ريكارد أيضا عدم قراءته لمجريات المباراة وفشله في شوط المدربين، ومثال على ذلك مباراة أستراليا وتأخره في إخراج الفريدي والإبقاء على الشلهوب ثم تبديل ناصر الشمراني، حيث كان يفترض عليه سحب الفريدي والشلهوب مع بداية الشوط الثاني مباشرة والزج بمحور آخر لإغلاق الثغرة الدفاعية. طلاسم التشكيلة ومن أكبر علامات الاستفهام التي رسمتها اختيارات المدرب لتشكيلة الأخضر تغييبه اللاعب محمد نور عن أولى مباراتين في التصفيات، ثم إعادته من جديد، رغم أنه لم يطرأ أي تغيير على أداء اللاعب يجبره على تغيير وجهة نظره، والسؤال الذي يفرض نفسه ما هو سبب استبعاد نور وسر عودته من جديد؟ كما أن تجاهله لأفضل صانع أهداف في الدوري السعودي واضطراره للاستعانة بعد استبعاد لاعبين بسبب الإصابة دليل واضح على عدم قدرته على تقييم المواهب الصاعدة. وبرر المدرب ريكارد سبب عدم استدعاء حارس الاتفاق فايز السبيعي «29 عاما» وأفضل حارس مرمى في الدوري السعودي حاليا أنه لا يريد أعمارا كبيرة في مركز حراسة المرمى في ظل وجود حسن العتيبي ووليد عبدالله وياسر المسيليم، ولذلك فضل ضم حارس مرمى الرائد أحمد الكسار الصغير في السن لكي يؤمن هذا المركز مستقبلا، وكلامه قد يكون سليما في مراكز أخرى غير مركز حراسة المرمى كون عمر السبيعي ليس كبيراً حسب المعدل العالمي لحراس المرمى، وعلى سبيل المثال حارس المنتخب الألماني أوليفر كان قدم أفضل مستوياته بعد تجاوزه الثلاثين عاماً، وخليفته ينز ليمان لم يبدأ في حراسة مرمى المنتخب الالماني كأساسي إلا بعد أن تجاوز الثلاثين عاماً. ومارس المدرب الهولندي هوايته في هز ثقة حراس المرمى من خلال عملية التناوب التي لم تسفر إلا عن حراسة مرمى مهزوزة تضعف من قوة الدفاع، وحتى إشراك حسن العتيبي «35 عاماً» الغائب عن الساحة الكروية لسنوات طويلة ولم يسبق أن لعب مباراة دولية مع المنتخب كأساسي، كان أكبر خلل ويتناقض مع مبدأ ريكارد في عدم ضم فايز السبيعي وهو التقدم في السن. اللاعب الجاهز قد يكون أصدق كلام هو ما قاله بعض المحللين في حق ريكارد بأنه مدرب يعتمد على الجاهز مثله مثل الداهية مورينهو، فخلال مسيرته التدريبية مع برشلونة خدمه كثيراً استقطاب أبرز الأسماء الكروية وعدم ممانعة إدارة النادي في استقطاب أفضل الأسماء في أي مركز يريده دون الاهتمام بالمبالغ التي تصرف في التعاقدات، وهو ما استثمره الهولندي جيداً ونجح في قيادة الفريق للبطولات، ولكن مع تراجع مستوى هولاء النجوم وفي مقدمتهم البرازيلي رونالدينهو تراجع مستوى برشلونة وغادر منصات التتتويج بعد أن عجز المدرب عن إيجاد حلول بالأسماء الموجودة لديه التي صرفت عليها الملايين. البديل المناسب ومن خلال ما سبق يتضح أنه لا يوجد أي جدوى من استمرار ريكارد، خاصة أنه لا يملك صفات وحنكة مدربي الإعداد وهو الأمر الذي يحتاجه المنتخب السعودي لكي يعود إلى زمن الإنجازات بعد سنوات النكسة وقد سبق أن قاد المنتخب مدربون من هذه النوعية، ولكن للأسف لا نملك الصبر عليهم مثل المدرب كالديرون الذي حقق أسهل تأهل إلى كأس العالم في تاريخ المملكة العربية السعودية عام 2006 وصنع منتخبا قويا يمزج بين الخبرة والشباب، ولذلك من المهم أن نبحث عن مدرب صاحب رؤية ثاقبة ويستطيع التنقيب عن المواهب في جميع الأندية، وهناك أسماء عالمية كثيرة أثبتت قوتها وقدرتها في هذا المجال وعلى سبيل المثال الأرجنتيني الذي لقب بصانع النجوم بيكرمان ومدرب نابولي والتر ماتزاري والمدرب كابيلو الذي يتميز بقدرته على صنع النجاح أينما حل أو ارتحل، حيث إنه يتدخل في أدق التفاصيل الكروية للاعبين وأولها التغذية السليمة ولا يعترف بالأسماء إنما بالمردود داخل الملعب.