بعيداً عن انخفاض مستوى التمثيل الدبلوماسي في القمة العربية، والذي فرضه تدهور الأوضاع الأمنية في بغداد، خرج اجتماع قادة دول المنطقة أمس دون مستوى الطموح، إذ لم يقدم مبادرات جديدة لإنهاء معاناة الشعب السوري وإلزام نظام بشار الأسد بوقف آلة القتل ضد المطالبين بالحرية. جاء إعلان بغداد، الصادر عن القمة، مشابهاً لبيان الجامعة العربية الصادر في ال 10 من مارس الجاري بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب مع رئيس الدبلوماسية الروسية سيرجي لافروف، فلم يطرح آليات عملية تلزم نظام الأسد بتنفيذ ما توصلت إليه الجامعة وبالأخذ بخطة المبعوث الأممي- العربي لسوريا، كوفي عنان، للحل. بل إن نبرة الحديث عن رفض التدخل الأجنبي في الشأن السوري كادت تطغى على لهجة إدانة كتائب القتل والترويع في حمص وحماة وإدلب ودرعا وريف دمشق، وهو ما بدا في كلمات رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، حينما ساوى بين الظالم والمظلوم بقوله أمس إن على الحكومة السورية والمعارضة نبذ العنف وعدم جر بلدهم والمنطقة إلى حروبٍ بالنيابة دون تجريمٍ لما اقترفته يد الأولى بحق الثانية، داعياً إلى استلهام النموذج العراقي في بناء المصالحة الوطنية، في وقتٍ تشهد فيه بلاده أزماتٍ سياسية حادة. هذه النبرة، التي لا تبدي دعما صريحا لحقوق السوريين أو إدانة للقتلة، ظهرت أيضاً في كلمة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، والذي اعتبر أن «الأحداث العربية الأخيرة بدأت تُظهِر بعض المخاوف من خلال عملية الانتقال التي تشهدها بعض البلدان، والتي شاب بعضها شيىء من الإرهاصات». قمة بغداد التي لم تأت بمفيد – إذا ما استثنينا الإجماع على وجوب دعم اليمن والسودان اقتصاديا- وتزامنت مع هجوم كتائب الأسد على مستودعات الإغاثة الإنسانية في ضواحي دمشق واعتقال كل من يُشتَبه في تقديمه مساعدات للأهالي النازحين من حمص، وهو ما دفع ناشطين سوريين للإعلان عن الخروج في تظاهرات اليوم الجمعة تحت شعار «خذلنا العرب والمسلمون»، وهي فعالية تحمل أكثر من رسالة أبرزها أن إدارة العراق للقمة لم تؤت ثمارها المنتظرة وأن الربيع العربي، الذي غيَّب عن مشهد الأمس، قادة على شاكلة معمر القذافي وحسني مبارك، لم يزر الجامعة العربية بعد.