الأمانة تبرأت منها السماء والأرض والجبال وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، ثقافة المجالس تدور هذه الأيام حول “الفساد” بشكل سافر وضاع النزيه في بحر الخارجين عن ناموس الحياة، فهل نتفق على مفهوم الفساد؟ الفساد هو تحويل الحق باطلاً، بل هو حرب على الله ورسوله وتزيين تعاطيه وترويجه بثياب خلاقة نستجير بالله، لا نهرب من واقعنا وعلينا الاعتراف أولاً بوجود الفساد في بعض الوزارات والمؤسسات وفي كل جزء من منظومة الحياة اليومية، وإذا اعترفنا بوجود الداء نستطيع بعدها البحث عن الدواء. الإعلام شريك في مراحل الفساد عندما يُسهم في نشر التبرير عن الميزانيات ويعتم على عقود الباطن ويسكت عن الولائم والشرهات والهدايا والتذاكر الصيفية والرحلات السياحية، تصوروا الإعلام ذاته وهو يبرر بشكل ساذج ما حصل لقاضٍ ادعى أن «الجن» تلبسه في المدينةالمنورة، الذي لم يجد مخرجاً من كشف تورطه سوى قوله بأنه تعرض للسحر، وفي كارثة جدة يلعب الإعلام بالبيضة والحجر مع أسماء المتورطين، وفي “الباحة” يبحثون للقاضي عن مخرج، والصور مع هذه المشاهد لا تنتهي، من هنا يتغلغل الفساد في جسد الوطن لينحر منجزنا ومكتسباتنا من الوريد إلى الوريد. إذا سار الإنسان مع النفس الأمارة بالسوء فهذا هو الفساد، وإذا حولنا الفاسد إلى “ذئب” والنزيه إلى “رخمة” فهذ هو الصعود إلى الهاوية: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ”، نسأل الله ألا نكون ممن إذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا.. غداً نلتقي.