على كثرة ما ورد في خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من مضامين وما ورد في القرارات الملكية من مكتسبات، تظل كلماته عن التاريخ والذاكرة الوطنية عنوانا للصدق وبرهانا للشفافية. واذا سألت أى مراقب عربي أو حتي أوروبي عن الأمر الملكي الذي استوقفه أمس من بين نحو عشرين أمرا سيقول بالتأكيد إنه الخاص بمحاربة الفساد من خلال هيئة جديدة تمتد مهامها لكافة مفاصل الدولة لتشمل “كائن من كان”. وكان ما كان في تونس وفي مصر وما سيكون في ليبيا وغيرها من أقطار عربية، وكان ما كان في رومانيا وفي أوكرانيا وغيرهما من أقطار أوروبية، وكان ما كان في البرازيل وفنزويلا وغيرهما من أقطار في أمريكا اللاتينية، وكان الانسان لنفسه ظلوما جهولا. لقد استهل الملك مقدمة الأمر الخاص بإنشاء الهيئة الوطنية السعودية لمكافحة الفساد بقوله تعالى “ولا تبغِ الفساد في الأرض”. ولأن ديدن الرجل بين الناس الصدق، وعنوانه عند شعبه الاخلاص في القول والعمل فقد حرص على أن ترتبط هيئة مكافحة الفساد به مباشرة. وقد بلغ من ضبط الأمور وتجاوز مجرد الشكل الى صلب المضمون أنها - الهيئة - “تشمل كل القطاعات الحكومية” وأنها “لا تستثني كائناً من كان”، وأنها “تتابع أو تتبع أوجه الفساد المالي والاداري” ومن ثم فعلى جميع الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية “الرفع للهيئة بكل المشاريع والعقود ومدد تنفيذها” لقد دمر الفساد أنظمة كانت حتى وقت قريب جدا تتحدث عن معدلات النمو القومي ومستوى دخل الفرد ورفع المعاناة عن الشعب، قبل أن يستيقظ العالم على زوالها. في ضوء ذلك كله خرج الشعب السعودي يهتف لملكه في الميادين والشوارع وقال التاريخ الذي طلب الملك عبد الله شهادته كلمته يوم أمس.. الجمعة الثامن عشر من مارس لعام 2011 جمعة الفرح بالشعب من الملك، وجمعة الفرح بالملك من الشعب. [email protected]