في صباح الأربعاء الماضي فوجئ عُشاق القهوة الأمريكية في الرياض بإغلاق عشرات المقاهي العائدة لشركة سعودية ذات امتياز من شركة أمريكية مشهورة، بعد امتناع عمال الشركة عن العمل، وأغلبهم من جنسيات جنوب شرق آسيوية، احتجاجاً على تردي ظروف العمل. تبيع تلك الشركة كوب القهوة بخمسة ريالات، وهو أقل ب%40 من سعره في دبي، وحوالي نصف سعره في أمريكا وأوروبا. لم يكن انخفاض السعر في المملكة ناتجاً عن ارتفاع المسؤولية الاجتماعية، وإنما لظروف المنافسة الضارية وغياب الحد الأدنى للأجور. يعزز هذا الحادث المخاوف بشأن تحميل العُمال ثمن انخفاض الأسعار في المملكة مع تزايد معاناتهم من تراجع قيمة الدولار، لاسيما أمام عُملات دول جنوب شرق آسيا، التي توفر النسبة الكبرى من العاملين. يُعد العامل الحلقة الأضعف في السلسلة الاقتصادية، لأنه عندما يُفاوض صاحب العمل على الحصول على عمل فإن خياراته محدودة: إما قبول العمل أو مواجهته وعائلته الفقر والجوع. ومع تعرض العمال عبر التاريخ لإساءة الاستغلال طورت الحكومات في العصر الحديث آليات وقوانين لحمايتهم، منها تحديد حد أدنى للأجور، وتشكيل نقابات عُمالية، وإقرار قوانين تضمن لهم حقوقاً غير قابلة للتنازل عنها. تُعد المملكة من الدول القليلة التي ليس لديها حد أدنى للأجور، ولا تسمح بإنشاء نقابات عمالية. في حين احتوى نظام العمل على أحكام آمرة توفر للعامل ظروف عمل مقبولة. المؤسف أن وزارة العمل، وهي الجهة المعنية بتطبيق النظام، انشغلت عن تطبيق مواده البالغة (242) مادة، بتركيز جهودها على الاستقدام والتوطين، وهي مجالات مشمولة بعشر مواد فقط.