حصلت «الشرق» على معلومات دقيقة حول اعتقال عبد الله السنوسي الصندوق الأسود للرئيس القذافي، وصهره ورئيس مخابراته، في موريتانيا، بعد نزوله مباشرة من طائرة الخطوط الملكية المغربية التي أقلته من مطار محمد الخامس الدولي في الدارالبيضاء. السنوسي الذي كان مطلوبا من طرف المحكمة الجنائية الدولية، ومن المجلس الوطني الانتقالي الليبي والسلطات الفرنسية، كان في المغرب وتحديدا في الدارالبيضاء بهوية مزورة حيث دخل الأراضي المغربية بجواز سفر مالي مزور، إلا أن ذلك لم يمنع من كشف هويته، ووضعه تحت عيون المراقبة طيلة الفترة التي أقام فيها بالمغرب برفقة نجله الأكبر. وبحسب المعلومات المتوافرة ل «الشرق» فإن عبد الله السنوسي، الذراع الأيمن للقذافي ورجل ثقته الأول، وجد نفسه مرغما على مغادرة التراب المغربي، خاصة وأن السلطات المغربية تلقت في الآونة الأخيرة طلبا بتقديم لائحة المسؤولين الليبيين على عهد الرئيس معمر القذافي الذين يوجدون في الأراضي المغربية، بعدما فروا إليها عقب اندلاع الثورة، التي أطاحت بنظام ملك ملوك أفريقيا، خوفا من وقوعهم في أيدي الثوار. وكانت «الشرق» سباقة إلى كشف الموضوع في عدد سابق، حين أشارت إلى ذلك وقدمت لائحة بأسماء هؤلاء المسؤولين المطلوبين للسلطات الليبية. وجاء خروج السنوسي من جحره الذي كان يختبئ فيه، بعد مشاركة وزير الداخلية المغربي أمحند العنصر في أشغال المؤتمر الإقليمي الوزاري حول أمن الحدود الذي أقيم تحت شعار «فرص لتعزيز التعاون العملياتي»، بمشاركة بلدان ليبيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، والنيجر، وتشاد، وموريتانيا، ومالي، ومصر، والسودان، إلى جانب ممثلين عن الأممالمتحدة، والاتحاد الأوربي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي، حيث جددت السلطات الليبية طلبها للوزير المغربي. وحول خلفيات عدم اعتقال السنوسي فوق الأراضي المغربية، قالت مصادر «الشرق» إن العملية أكثر من معقدة على اعتبار أن اعتقاله سيؤدي إلى إحراج كبير للرباط، مع المجلس الوطني الليبي الذي تربطه صلات قوية بالمغرب، بالنظر إلى الدعم الكبير الذي تلقاه من المغرب، خلال الثورة، خاصة وأنه كان مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية، والسلطات الفرنسية، وبالتالي فقد كانت الخطة الأفضل هي التخلص منه وتسليمه على طبق من ذهب للسلطات الموريتانية، بتنسيق تام بين الجانبين بعلم الليبيين والفرنسيين، بدليل أنه كانت على متن الطائرة التي أقلت السنوسي عناصر من الاستخبارات الموريتانية. وأضافت المصادر ذاتها أن عدم اعتقاله في المغرب جنب الرباط الإحراج أمام الحكومة الليبية، وتجنبت الموقف الذي حصل مع الجزائر التي تأوي أفرادا من عائلة العقيد القذافي بينهم ابنته عائشة ونجله محمد. وتوقعت مصادر «الشرق» أن يتم تسليم السنوسي للسلطات الفرنسية، خاصة وأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ساند الحكومة الليبية المنهارة إلى غاية مقتل العقيد القذافي، وعلاقة نواكشوط بالمجلس الوطني الليبي ليست في أحسن حال. وظل الجميع ينظر إلى موريتانيا باعتبارها البلد الأكثر أمانا لرموز النظام الليبي السابق، نظرا للعلاقة التي جمعت الطرفين قبل الثورة وأثناءها. وكان ناصر المانع المتحدث باسم المجلس الوطني أعلن بأن سلطات بلاده تقدمت بطلب من النائب العام الليبي إلى السلطات الليبية لتسليمها عبد الله السنوسي مضيفا أنه في حال الرفض فسيتم التعاون لتسليم المشتبه به إلى المحكمة، وعلى الرغم من أن موريتانيا ليست دولة عضوا في معاهدة روما إلا أنه بوصفها عضوا في الأممالمتحدة فعليها أن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. ويتهم السنوسي بدوره الرئيس في قتل أكثر من 1200 نزيل في سجن أبو سليم في طرابلس عام 1996، كما تطالب باريس برأس السنوسي لاتهامه بالقتل ووقوفه وراء التخطيط لتفجير طائرة فرنسية سنة 1989 راح ضحيتها 170 شخصا.