الأبناء هم قناديل الحياة، ضحكاتهم رنين الذهب وطفولتهم بهجة النفوس. ترى الأم عائدة من عملها وقد أدركها التعب وأخذ منها الإرهاق كلّ مأخذ وفي طريق عودتها إلى البيت عندما يحكي لها طفلها ببراءة عن صديقه الّذي أغضبه، أو رأت في عينيه دمعة حزينة لأنّه تعرض للسقوط وهو يلعب، ثمّ أخبرها أنَّ بكاءه ليس بسبب سقوطه ولكنْ لأنّه تلفت ولم يجدْها، هنا، سيتبدل حالها، وتشرق ابتسامتها، ويتناثر من أطرافها التعب. كذلك الأب عندما يصل من عمله متأخراً يكابد الجهد والنَّصَب ولكنْ ما إنْ يخطُ أول خطوة في بيته وتركض إليه طفلته وتحتضنه بشوق حتى يتهلل وجهه وتنبسط أساريره ويغادره التعب. هؤلاء أبناؤك أطفالاً فماذا عنهم كباراً؟ سيذكرون كفاحك في سبيل سعادتهم، وتغاضيك عن عثراتهم ونزقهم وهم في سِنِّ المراهقة وكيف كنتَ تدافع عنهم وتوجد لهم المبررات، سيذكرون كم مرة التمست لهم العذر عندما تجاهلوا نداءك ليقضوا لك حاجة، أو صراخهم في وجهك وهم يعبّرون عن رفضهم لقرار اتخذته، لكنّهم لم يقدّروا دوافعك في حينها، وكمْ جَهِدت نفسيا ًوبدنيا ًوربما مادياً لتحقق به مصلحتهم، لن ينسوا يوم أن رافقت أحدهم إلى المدرسة لتدفع عنه ظلم وقع عليه من معلم أو تلميذ أو من المدير نفسه، ولنْ ينسوا كم حرمتَ نفسك من كثير من المتع لكي توفر لهم قيمة أول سيارة امتلكوها، أو لتكمل مصاريف زواجهم كي تكتمل فرحتهم. لن ينسوا دمعة سكبَتها أمّهم فرحاً بهم أو حزناً عليهم، وسيبقى شريط ذكرياتهم معها حيّاً في قلوبهم، وسيبقون حاملين جميلكما، آملين أن يردّوا إليكما في يوم ما بعضه. أبناؤنا هم سندنا بعد الله، فلنحسن إليهم صغاراً قبل أن يتولونا بمعروفهم كباراً، فنصغر في عيون أنفسنا. إنّ من فضل الله وكرمه أنّه وهبني خمسة أقمار أضاءت حياتي بأمره، فاللهم بارك فيهم وارض عنهم ورضهم.