فالحياة تخبئ لك كثيراً من المفاجآت) (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ليس من باب الشؤم فالدنيا بخير وفيها من أهل الخير والصلاح الكثير وكثير من الأصدقاء تستنشق من خلالهم ريح العود والعنبر والفل والياسمين صدق في المحبة ووفاء عند الضائقة لسانهم فيه الشًهد ولقائهم يفرج الهم والجلوس معهم يُبعد الهم والحزن معظم الفتن والمشاكل هي من اللسان لأنه ترجمان القلب وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فأسمع ما يدور في بعض المجالس ووسائل الإعلام والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي تجد بسببه قطعت كثير من الدول والجماعات والأفراد علاقتهم ببعضهم البعض فلنحافظ على الكلمة حافظوا على جبر القلوب فإنها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر وكثيراً من المشاكل التي تصيب العلاقات الاجتماعية من غيبة، ونميمة، وسب، وشتم، وقذف، وخصام، وكذب، وزور وظلم وغيرها فللسان فيها أكبر النصيب، وإذا سمح الإنسان للسانه أن يلغو في هذه الأعراض وغيرها كان عرضة للنهاية التعيسة والإفلاس في الآخرة، وشتان بين إفلاس الدنيا وإفلاس الآخرة فإذا أردنا أن نتحاور أو نناقش موضوع ما فليكن في صلب الحقيقة وبلغة الأدب والبعد عن التجريح. (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ليس من باب الشؤم لما نشاهده في حياتنا أليوميه من البعض اللذين لا هم لهم إلا أذية خلق الله فأهل الخير والأخلاق الفاضلة والتقى والأصدقاء الأوفياء كُثر إذا تعرضت يوماً لألفاظ بذيئة أو لخيانةٍ من صديق فلا تحزن لأن الحياة مدرسةٌ، وكلما كان الدرسُ أشدَّ وقعاً وقسوةً فإنك تتعلمُ منه الكثيرَ والكثير، ويرسخُ في ذاكرتك على مدى الدهور وتعاقب الأيام كنتَ في منصبك ذات يوم، وكنت ترى الأصدقاء يأتون إليك زَرافات ووُحدانا، بل كنت تراهم دائماً عن اليمين وعن الشمال عِزِيْنَ أما الآن فليس لك يا صاحبي إلا الذكرياتُ المريرةُ، والحسراتُ المحرقة، والزفراتُ الملتهبةُ.. وعلمتَ أن معظم أصدقائك كانوا سحابةَ صيفٍ انقشعت، وحُلماً مضى وانقضى، وظلَّا اضمحلّ وزال وتيقنت أنك كنت تعيش في وهم وخيال، وأن معظم أصدقائك ما هم إلا سرابٌ بقيعةٍ كنتَ تحسبه ماءً زلالاً، وريشة تتطايرُ في مهب الرياح.. مخدوعٌ من يظن أن البعض من يسلم عليه بحرارة صديقٌ وفِيٌّ، وكلَّ من يتشوق للقائه بلهفة أخٌ حميم، وكل من يبتسم ثغرُه وتنبسط أساريرُ وجهه صاحبٌ خُلق إنسان يسلم عليكَ بحرارة، ولكنها حرارةُ صدره الذي يتلظّى حقداً وحسداً وكراهية وكم من متشوِّق للقائك بلهفة! ولكنه متلهّف ليرى فيك ما يسرُّه ويسوؤُك وكم من إنسان يبتسم لك ثغرُه، وتنبسط أمامك أساريرُ وجهه، ولكنّ له قلباً يُقطّب لك حاجبيه، ووجهاً خفيّاً متجهماً لا تراه إلا إذا كنتَ ذا بصيرة وفراسة وعندها يلوحُ في ذهنك قول المتنبي: إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً فلا تظننَّ أن الليثَ يبتسم ! قد تعيش مع صديق لسنواتٍ وسنوات، وأنت لا ترى فيه إلا أخاً شفوقاً، وقلباً حنوناً، وناصحاً أميناً، وفجأةً، ولأمرٍ غير ذي بالٍ تكتشفُ أنه ذئبٌ مراوغٌ، فإذا ما حصل معك ذلك فلا تستغربْ، ووطِّد نفسك على ما هو أصعبُ من ذلك، فالحياة تخبئ لك كثيراً من المفاجآت ! تربت يداك طُعنتَ مراتٍ ومرات من الشخص ذاته، وبذات الْمُدية، وبعد كل طعنة يقول لك : عفوا، ولم أقصد، ووقع ذلك سهوا، ويرميك بوابل من الأعذار، وربما دعَّم أعذارَهُ أحياناً بدمعتين بائستين تجريان على وجنتيه وأنتَ إلى الآن لم تعتبر، بل أخذت وبطيب قلبٍ منك تكفكفُ له دموعه، وتهدّئ من رَوعه فحريٌّ بك أن تفيق من ضلالك، وتعودَ إلى رشدك وينبغي عليك أن تميز بعد ذلك بين اليد التي تطعنك من الخلف وبين اليد التي تحنو عليك يقيناً وتربت على كتفيك حقيقة وحبا نعيبُ زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيباً سوانا الزمن لم يتغير الشمس هي الشمس والقمر هو القمر والنجوم هي النجوم والسماء هي السماء والأرض هي الأرض والكون بأسره لم يتغير التغير فينا نحن المخلوقات طغى علينا حُب الدنيا ومتاعها وزينتها وبسبب شهواتها تغيرت المفاهيم عند بعض الناس وتفكك الأسر وضاعت الصداقة من الكثير في زحمة الدنيا وأصبح الواحد يفكر في المال ولو كان من ُطرًق غير مشروعة كان مؤتمنا يوماً من الأيام عليها سواء كان من بيت مال المسلمين أو مال الأفراد بصراحة تختفي خلف ستار الخديعة وحلاوة اللسان.