تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة يوما بعد يوم خاصة في ظل النقص الحاد في الوقود الذي يعاني منه السكان لدرجة أنه دفع السائقين لإعادة استخدام زيت القلي بديلا عن السولار، على الرغم من إدراكهم لخطورة استخدامه على حياة الإنسان والبيئة معا، ما يعيد للأذهان الأزمة الخانقة التي عصفت بقطاع غزة مع بداية فرض الحصار الإسرائيلي عليه قبل نحو خمس سنوات. ويقول السائق، عماد بدوان، ل «الشرق» إن ما اضطرنا لاستخدام زيت القلي على الرغم من معرفتنا بضرره البالغ على صحة الإنسان والبيئة هو عدم توفر السولار في محطات الوقود، ولو توفر فإنه يوزع بمحسوبية على أفراد من الحكومة في غزة. ويضيف: «السائق لا ينظر لأضرار هذا العمل على الناس من ناحية صحية لأن الحكومة تلاحقه بالضرائب وهو يريد أن يحصل قوت أولاده ويمسك رمقهم». وطالب بدوان الحكومة بالاستقالة في ظل عجزها عن توفير المحروقات، لأنه يعتبر أقل المتطلبات المفروض عليها توفيرها للمواطن في غزة، وأن تكف عن ملاحقة المواطنين بالضرائب. أما السائق محمد العكلوك، وعلى الرغم من أنه لم يستخدم زيت القلي حتى الآن إلا أنه يؤكد أن استمرار الأزمة سيضطره عاجلا أو آجلا لاستخدامه، «لأنني لست مستعدا لإغلاق باب رزقي حيث إنني مسؤول عن إعالة ثمانية أطفال وشابين يدرسان في الجامعة». وبنبرة غاضبة يصيح العكلوك ويحمل الحكومة في غزة مسؤولية الوضع الإنساني المتدهور فيقول: «سأقطع أصبعي الذي انتخب حماس، وسأعلقه في أذني، ولن أعيد كرّة انتخابهم مرة أخرى لأنهم فشلوا في تلبية الحد الأدنى من احتياجات المواطنين في غزة». بينما أبدى خالد الكفارنة، ل «الشرق» انزعاجه الشديد من استخدام زيت القلي بديلا عن السولار لتشغيل السيارات، وأكد أنه أصيب عند استخدامه سابقا قبل خمس سنوات بالتهابات صدرية حادة. وهو يخشى أن يتعرض لانتكاسة صحية جديدة، خاصة أن عادم زيت القلي المستخدم تنبعث منه رائحة نتنة تبعث على الغثيان، وتصيب بعض الناس بالإغماء. ويحذر الطبيب أيمن عاشور، في حديث ل «الشرق» من عودة استخدام السائقين في غزة لزيت القلي بديلا عن السولار لتشغيل سياراتهم، ويؤكد أن عوادم السيارات الناتجة عن زيت القلي تبرز مشكلاتها بشكل أخطر في المستقبل، مستدركا أن المشكلات المباشرة التي يتسبب فيها استخدام زيت القلي تصيب الجهاز التنفسي بشكل أساسي، وقد تتسبب في أمراض الربو، وهي أخطر ما تكون على المصابين بضيق التنفس والتهابات الجهاز التنفسي المزمنة التي قد تصل إلى حد الاختناق أو الوفاة.بدوره يشير الناشط الشبابي رامي محسن، إلى أن الأوضاع في غزة في تدهور مستمر على صعيد المحروقات والكهرباء والمياه والوضع السياسي والعسكري. وهو يحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الأولى عن تدهور أوضاع غزة، مشيرا إلى أن الناس تبحث عن بدائل لكل شيء وليس المحروقات فقط، «لكن المشكلة الحقيقية أن الشارع الفلسطيني في غزة فقد الثقة بكل أطراف العمل الفلسطيني، لعجزها عن حل مشكلاته». وأوضح أن الجهود الرسمية المبذولة لحل أزمة المحروقات لا ترقى لسلم الأولويات الذي يعول عليه الشعب الفلسطيني.