الحديث الرسمي عن سنتين لخلق اقتصاد متوازن ينتج ويستهلك، بدلا من اقتصاد ريعي يستهلك، ولا ينتج. حديث جميل ومطمئن بشكله النظري، ولكن قبل التحرك نحو اقتصاد متوازن والخروج من استهلاك الموارد إلى استثمارها، وتنميتها، أو بعبارة أخرى خلق دورة اقتصادية مستدامة، وليس دورة اقتصادية مفتوحة على المجهول، وتدارك الخطأ الحاصل باستهلاك الموارد، أقول قبل التحرك نحو هذا الاقتصاد المستدام هل قمنا بتعبئة اجتماعية وتثقيف الناس عن هذا التحول، بعبارة أخرى هل وصل المفهوم للمجتمع عبر قنوات التعبئة الثقافية بطريقة مقنعة؟ الحقيقة أن بعض الفئات من المجتمع والمستفيدة من الاقتصاد الاستهلاكي أصابها الهلع، وتوقع ضرائب، ورسوم تعصف بما تملك، وبعضهم أخرج أموالا للخارج، أو حول أمواله تحت مسمى جمعية خيرية حتى لا تصلها الضرائب والرسوم وعلى الطريقة المسخرة (تبرع الشيخ فلان لمؤسسة سعادته بكذا وكذا) لأن مؤسسة سعادته الخيرية هي خزانته المبعدة عن الضرائب والزكاة. حقيقة اليوم نشهد كثيرا من تبرعات، وترحيل أموال، والتحول لجمعيات خيرية محلية، وخارجية للهرب الناعم من التحول الاقتصادي الذي تبنته المملكة، ومن جانبي أتمنى رصد هؤلاء الهاربين من الوطن بأموالهم، وعدم السماح لهم بالمتاجرة بعد تغير الأمور اقتصاديا، خصوصا، أننا عرفنا بعضهم منذ أيام حرب الكويت عندما لم يثقوا بوطنهم وفروا بأموالهم للخارج. بالأول نحتاج رقابة مالية على فساد بعض الأموال، ورقابة أشد على حركة الأموال، ومتابعة للأموال المتهربة من الرسوم، والضرائب، ونحتاج ضبطا أكثر للرسوم، والضرائب على كبار القوم من أصحاب الثروات، وأن تكون هناك محاسبة لمن زعم تحويل أمواله لأوقاف خيرية للتهرب من الضرائب. الوطن في حالة تحول، وشق عصا الطاعة، والتهرب من قرارات وطنية تفرض على الجميع هو فساد غير مقبول. الضرائب والرسوم تحتاج إلى مزيد من الضبط، وتحتاج إلى مزيد من عقاب علني للمتهربين، وإلا سيستفحل الأمر ويجرؤ الصغار على ما يعمله الكبار. سنتان مجهدتان للصغير ويجب أن لا ينجو أصحاب الثروات بالهرب من الوطن لمجرد أنهم قادرون على الهرب بأموالهم.