أعاد مهرجان الساحل الشرقي في نسخته الخامسة مهنة القلافة إلى الواجهة من جديد. وأوضح كبير القلافين في صناعة السفن بالمنطقة الشرقية إدريس خليفة البوعنّين، أن سفن الخليج المصنوعة كانت بأيدي أمهر القلافين، مبيناً أن «القلاف» هو من يعمل في صنع السفينة التي تسافر إلى البلاد البعيدة عابرة البحار والمحيطات دون أن تصاب بأذى، مضيفاً أن سفن الخليج كانت تصل إلى الهند وباكستان وغيرهما من الدول بهدف التجارة وجلب المؤن. وذكر أن صناعة السفن الخشبية تستلزم الأمانة والمهارة، إذ إن أي خطأ في التصنيع قد يؤدي بالسفينة إلى الغرق، وهنا مكمن الخطورة، وقال «تبدأ عادة مهمة التصنيع بتوفير المواد الخام، ثم البدء في وضع التصاميم المتعلقة بنوعية السفينة، ثم توجيه القلافين بخطوات البدء في التصنيع، ويكون دور الأستاذ هو الإشراف والمراقبة في كل مرحلة من مراحل التصنيع والتوجيه بين حين وآخر، فتوضع القاعدة الأمامية أولاً، ثم القاعدة الخلفية، بعد ذلك توضع الألواح الجانبية، ثم الأضلاع الداخلية، ثم يتم عمل السطح، ومن ثم تكملة الجوانب، وبعد الانتهاء من ذلك نقوم بعمل التشطيبات التي تأخذ وقتاً كبيراً في العادة، وبعد الانتهاء منها تماماً تتم صناعة الشراع من أحد أنواع النسيج الذي يسمى (الغزل)، ويتم تفصيل الشراع بالشكل المناسب وتقوى حوافه بالحبال السميكة، وتتم خياطة جميع حواف الشراع لضمان تماسكه، وتستخدم في ذلك «الميبر» وهي إبرة كبيرة مخصصة لهذا الغرض». وأضاف البوعنّين «يأتي بعد ذلك دور طلاء السفينة بالزيت، وذلك بهدف اللمعان ووقايتها من التلف، ومن ثم يكون إنزال السفينة إلى البحر وتدشينها في جو من البهجة والفرحة، ويختلف الوقت اللازم لبناء سفينة، كون هذا الأمر يعتمد على نوعية السفينة ومواصفاتها، بالإضافة إلى حجمها وعدد القلاليف العاملين بها». وأشار إلى أن مياه الخليج العربي احتضنت آلاف السفن الخشبية الشراعية التي صنعها أبناء الخليج، حينما كانت التجارة عبر البحار، وصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ أبرز المناشط الاقتصادية الأساسية للسكان، وتابع «بالرغم من استمرارية وجود السفن في الخليج، إلا أنها لم تعد تصنع من الخشب، إذ حل (الفايبر قلاس) مكان الخشب وأصبحت هناك مصانع خليجية متخصصة في هذا المجال، لتتوارى القلافة وأساتذتها بعيداً عن الأنظار، حتى كادت أن تندثر ولم يعد يذكرها أحد، إلا بقية من الجيل ما زالوا يضربون بعرقهم في الخشب (ناحتين) بذلك أجمل القوارب البحرية المصغرة، لتبقى كرمز بعد أن أصبحت (مهنة القلافة) في عداد النسيان.