تعرفت على «المينيماليزم minimalism» وأنا أقرأ عن بروزها في الستينيات والسبعينيات في أعمال أدبية لكتّاب قصة منهم ريموند كارفر، وقبله الشهير هيمنجواي، تُرجم المصطلح إلى التقليلية والأدنوية، لكن أعتقد أن التبسيط أليق وصف له، حتى لو كان في ذلك تقاطع مع ترجمة كلمة «simplicity»، فهو الأقرب للفهم السريع والتداول. تسرّبت البساطة إلى جميع الأشكال الأدبية والفنية، الشعر والقصة والرسم والتصوير والموسيقى والسينما، وانتقلت منها لتصبح أسلوب حياة، يتزايد حالياً الدعاة إليها. ملخص فلسفتها أن تعيش بسيطاً، وتتخلى عن تعقيدات الحياة وتراكماتها، ولا تحتفظ منها إلا بما تحتاجه، أن تقاوم نزعة الاستهلاك التي تجعلك تشتري ما لا يهمّ، ومرض الاكتناز الذي يجعلك تخزّن ما لا تحتاج. وهذه الدعوة ليست غربية فقط ولا غريبة عنا، فهي في أغنية صباح «عالبساطة البساطة.. تغديني جبنة وزيتونة وتعشيني بطاطا.. عم يحلم قلبي برجال طفران ودرويش الحال.. يعيشني في أوضة صغيرة ما فيها غير حصيرة»، وفي ثيابنا التي نلبسها، فالثوب أبرز مثال على البساطة في التصميم، بقماشه الأبيض وأجزائه التي لا تتعدى جيبين على اليمين واليسار، وآخر يسار الصدر، وأزرّةً وسطه. يقال إنّ الفراغ علامةٌ لروح لا تنضب، ونحن بحاجة إلى هذا الفراغ لتستردّ الروح أنفاسها والعقل تركيزه، بإخلاء مساحات كبيرة من حياتنا امتلأت بتفاصيل غير مهمة، بل بعضها ضارة.