ودَّعت المنطقة الشرقية عَلماً من أعلامها ورمزاً من رموزها، قدَّم كثيراً لدينه ووطنه ومجتمعه، بل يعد من أهم رواد جيل الكبار من صنّاع التنمية في المملكة العربية السعودية، الشيخ سعيد بن علي غدران -رحمه الله-. بحق هو مدرسة في البذل والعطاء والكرم والسخاء، آية في التواضع والتلطف، جمع بين التديّن والمعاصرة والبساطة والرقي في التعامل مع الآخرين، عرفته عن قرب فوجدته محباً للوطن، وثيق العلاقة بالقيادة مخلصاً لولاة الأمر، سباقاً لكل خير، وجدته شديد الحزم في الحق حتى مع أولاده وأقربائه، هيناً ليناً شفيقاً لا يمل ولا يتبرم مع أصحاب الحاجات، ووجدته شلالاً عذباً رقراقاً يفيض بالمحبة والمودة يغترف منه الصغير والكبير والغني والفقير، بل وجدته بحراً لا ساحل له في البِر والإحسان، له في مواطن الخير خبايا لا يعلمها إلا رب البرايا، يعطي عطاءً لا ينتظر بعده شكراً، ولا يخاف منه فقراً، ووجدته دائم الابتسامة حيي المحيا، متواضعاً تقياً نقياً، فأحببته من سويداء القلب حتى أصبح مني في مقام الأب، ولقد تشرفت بملازمته في آخر لحظة من عمره عندما فاضت روحه إلى بارئها، فرأيت بأم عيني عليه آيات مشاهدة محسوسة تبعث على الرضا والسكينة، والفرح والسرور، أحسبه والله حسيبه أنها من علامات حسن الخاتمة، ولا عجب. قال الله تعالى «إنّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم». (فصلت 31). اللهمَّ أكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرَد ونقِّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهمَّ أجبر مصابنا في فقد والدنا الشيخ سعيد غدران، وأخلف على بلادنا وقيادتنا وأهله وأبنائه وبناته وأقربائه والمسلمين أجمعين خيراً يا أرحم الراحمين.