عنوان هذا المقال هو برنامج وطني معتمد لدى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ويهدف إلى تنشيط الرحلات بين مدن ومحافظات وقرى المملكة للتعرف على معالم مدننا وتقوية التلاحم والترابط بين فئات المجتمع المتنوعة فكرياً وثقافياً ومذهبياً، وإتاحة الفرصة لطلاب المدارس والجامعات لزيادة تحصيلهم التعليمي والمعرفي من خلال زيارات ميدانية خارج بيئتهم المعتادة، وربط التحصيل التعليمي بالوحدة الوطنية، وإكساب الطلاب مهارات متنوعة لكيفية التعرف على وطنهم..والهيئة عندما اعتمدت هذا البرنامج فتحت باب الشراكة بينها وبين المؤسسات الحكومية والخاصة، لتعزيز الانتماء إلى الوطن وترسيخ ثقافة تبادل الزيارات والتعرف على مكونات الوطن المتنوعة. كما يعلم الجميع أن التباعد بين الناس يُسبب التنافر والتناحر فيما بينهم، أما إذا كثرت الزيارات بين أفراد القطاعات التعليمية والرياضية وغيرهما فإن ذلك يشكل أجواء حميمية للزائرين خاصة عندما يتعرفون على معالم وطنهم ويتعرفون على الموروث الذي يحمله كل جزء من الوطن، وأن وطنهم متنوع في اللهجات وفي الأكلات وفي الملبس وفي الفنون، وهذا مايزيد الإنسان شغفاً وحباً للتعرف والاطلاع على هذا التنوع الجميل. وطننا يمتد على مساحة كبيرة جداً شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حباه الله تنوعا جغرافياً جميلاً وموروثاً جميلاً، فيختلف جنوبه عن شماله وغربه عن شرقه ووسطه، فهذا الموروث الجميل يحتاج منا جميعاً أن نقف عليه ونشاهده ونتعرف عليه، نعم هناك بعض المهرجانت الكبيرة تعرض مثل هذا الموروث مثل مهرجان الجنادرية إلا أن الوقوف والمشاهدات الحية والتعرف على هذا الموروث عن قرب يغير في المفاهيم ويًُرسخ القيم التي نحتاجها في نفوس أولادنا جميعاً. ما أنا بصدده في هذا المقال عنوان لفت نظري قبل فترة وهو قيام عدد من طلاب مدارس الرياض بالرياض وعددهم ثلاثون طالباً بزيارة إلى محافظة القطيف للتعرف على آثار المحافظة ومعالمها وتطورها، والاجتماع مع بعض أهالي المحافظة حيث تناقشوا معهم وتعرفوا عليهم، وهذا بحد ذاته عامل إيجابي كبير في التلاحم والترابط بين أبناء المجتمع صغاراً وكباراً، ومثل هذه الرحلات تعمق التواصل والألفة بين أبناء المناطق، كما ترسخ فيهم حب الوطن والانتماء إليه، وترسخ أيضاً فيهم الافتخار بوطنهم لما يملكه من مقدرات ومكونات عظيمة يسرها الله لنا في هذا الوطن. البرنامج الذي تبنته هيئة السياحة والآثار برنامج جميل ومهم يجب أن يُفعل بقوة خاصة عبر المؤسسات التي تُعنى بالشباب مثل وزارة التعليم بدءا من طلاب المتوسط والثانوي والتركيز على طلاب الجامعات والهيئة العامة للرياضة والشباب من خلال البرامج الشبابية وفتح المجال أمامهم للتعرف على وطنهم من خلال تبادل الزيارات وتسهيل ذلك لهم ليتمكنوا من الالتحاق في هذا البرنامج عبر مؤسساتهم وليكن ذلك مجدولاً وواضحاً للجميع وفتح المجال أمام كثير من الراغبين في الاطلاع على معالم وطنهم، أضف إلى ذلك أن هذا التلاحم والترابط يُضعف الطائفية التي يحاول ضعفاء النفوس إحياءها بين أفراد المجتمع، وهذه الزيارات المتبادلة تزيد من اللحمة الوطنية بين فئات المجتمع، كما أن الآثار الموجودة في وطننا التي نفخر بها هي آثار مهمة لابد أن يتعرف عليها النشء قبل الكبار، فمدائن صالح التي في العلا آثار في غاية الأهمية، والأخدود في نجران، وهداج تيماء وغيرها من الآثار التي تزخر بها بلادنا، ولذلك زيارة مثل هذه المواقع ترسخ وتعزز الانتماء للوطن وتزيد من تقوية اللحمة الوطنية بين أفراد المجتمع، فحري ببرنامج «عيش السعودية» أن يهتم بمثل بهذا البرنامج ويفعله للجميع سواء على المستوى العام أو الخاص أو على مستوى الهيئة نفسها بأن تخصص زيارات بالتنسيق مع مكاتب السياحة وتفتح المجال أمام الراغبين في ذلك بأرخص الأسعار. ختاماً مثل هذه البرامج هي التي نحتاج التفاعل معها من القطاعين العام والخاص، وأن يُفتح المجال أمام الراغبين في الزيارات بتسهيل أمورهم والاهتمام بهم والحرص عليهم من خلال اعتماد المشرفين والمرشدين السياحيين الفاعلين حتى يكون برنامج الزيارات مفيداً وفاعلاً.