ذكر مقال نشرته الصحيفة الإسرائيلية اليومية (هآرتس) للكاتب آري شافيت أنه «منذ سنوات قليلة ماضية، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثات معمقة مع الخبير بشؤون الشرق الأوسط برنارد لويس. في نهاية الجلسة، اقتنع نتنياهو أنه إذا حصل آيات الله في إيران على أسلحة نووية، فإنهم سيستخدمونها. منذ ذلك اليوم، يبدو نتنياهو مقتنعا أننا نعيش إعادة لما حدث في الثلاثينيات من القرن العشرين». كان تحليل الدكتور برنارد لويس ذا أهمية خاصة لأنه جاء قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن للقاء مهم مع الرئيس أوباما وإلقاء خطاب رئيسي أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (إيباك)، أقوى تنظيم صهيوني في أمريكا. آلاف الصهاينة الأمريكيين، بما فيهم المسيحيون الصهاينة، يتوافدون إلى واشنطن في كل ربيع لحضور مؤتمر إيباك، ويحضره حوالي مائتي عضو من الكونجرس الأمريكي لينحنوا أمام سلطة محفظة اللوبي الإسرائيلي. وبما أن هذه السنة هي سنة انتخابية في الولاياتالمتحدة، فإن نفوذ إيباك في كابيتول هيل أعظم من أي وقت مضى. وقد قدمت إيباك موعد المؤتمر لتمرير رسالتهم في وقت مبكر ويكرروها بشكل منتظم. الدكتور برنارد لويس معروف في الأوساط الأكاديمية كعالم بارز في شؤون الشرق الأوسط والإسلام. ومع ذلك فإن قليلين يفهمون أنه، هو نفسه، صهيوني بارز وإمبريالي بريطاني شديد، وهو يدعو إلى رسالة تبشيرية: الإسلام هو العدو الرئيسي لكل من المسيحيين واليهود، وكانت هذه هي الحال على مدى 14 قرنا، منذ عهد النبي محمد. في 2009، تحدث لويس في مقابلة خاصة له مع تلفزيون MSNBS قائلا إنه سيكون هناك صراع بين الإسلام والمسيحية سيجعل من الحروب الصليبية تبدو وكأنها مجرد مناورات هامشية. ومع أنه ينسب إلى السياسي الأمريكي صاموئيل هنتينجتون العبارة الشهيرة «صراع الحضارات»، فإن الدكتور برنارد لويس في الواقع هو أول من استخدم هذا المصطلح في مقال نشره في مجلة (أتلانتيك ماجازين) قبل ثلاث سنوات من صدور كتاب هنتينجتون الذي حمل نفس العنوان. ومع أنه أصبح مواطنا أمريكيا في أوائل الثمانينات من القرن العشرين، بعد أن تم التعاقد معه للتدريس في جامعة برينستون، فإن برنارد لويس هو بريطاني من حيث المولد ومن حيث الرؤية الإمبريالية والنشأة. تلقى لويس تعليمه في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن، وخدم في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية كضابط استخبارات، وبعد ذلك تم تعيينه في المكتب العربي في وزارة الخارجية البريطانية. من العدل القول بأن الدكتور لويس كان مروجا نشطا للنظام الإمبريالي طوال حياته، وأنه استخدم نفوذه على مدى عقود على عدد من السياسيين الإسرائيليين والأمريكيين لضمان أن الشرق الأوسط يبقى في حالة من الصراع الدائم والفوضى. كجزء من تلك المهمة، انتقل الدكتور لويس إلى الولاياتالمتحدة في 1974، وبرز بسرعة كصاحب نفوذ سياسي على مجموعة من المسؤولين الحكوميين الأمريكيين، من هنري كيسنجر إلى زبيجنيو بريجنسكي إلى ديك تشيني. خلال الفترة التي كان فيها ديك تشيني نائبا للرئيس، كان الدكتور لويس ضيفا منتظما في مقر سكن نائب الرئيس، وكان من بين مساعديه وتلامذته بعض رواد المحافظين الجدد أمثال ريتشارد بيرل وهارولد رود. قبل هجمات11 سبتمبر، 2001، بفترة طويلة، كان الدكتور برنارد لويس أحد المروجين المتحمسين لأسامة بن لادن، الذي وصفه كأحد عظماء الشعراء والمفكرين المسلمين، في سلسلة من المقالات التي نشرها في مطبوعات مميزة في بريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية. الدكتور برنارد لويس في التسعينيات من عمره الآن، لكنه لا يزال نشيطا ويلعب دورا مهما في الأحداث التي تتعلق بتأييد الحرب داخل إيباك. ابنه، مايكل لويس، أحد الشخصيات القيادية في جمعية إيباك. منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين، يشغل مايكل لويس منصب مدير وحدة التحليل السياسي في هذه المنظمة الصهيونية القوية. تلك الوحدة عمليا مخفية ولا يمكن رؤيتها بالنسبة للعالم الخارجي، لكنها مكون مهم في نفوذ إيباك غير المتناسب داخل الكونجرس الأمريكي. مايكل لويس مسؤول عن الملفات التي تجمعها منظمة إيباك حول كبار السياسيين في الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه الملفات يتم تمريرها بهدوء إلى مجموعة مختارة من الصحفيين، المحققين الحكوميين والمسؤولين الإسرائيليين. في مذكرة إلى المسؤول السابق في إيباك ستيفن روز، الذي اتهم منذ عدة سنوات بالتجسس لصالح إسرائيل (وتم إسقاط التهم ضده فيما بعد)، يتباهى مايكل لويس بفعالية وحدة التحليل السياسي: «لا مجال للشك لدينا بأننا نمارس النفوذ السياسي ولكن بالعمل من وراء الستار والحرص على ألا نترك بصمات خلفنا، ذلك التأثير لا يمكن دائما أن ينسب إلينا». إن نفوذ عائلة لويس -الأب وابنه- قد يكون في المستقبل القريب واضحا بحيث لا يمكن إخفاؤه خلف الستار.